بعد 24 ساعة من الأسئلة.. هذا ما توصلنا له حول مقتل الناشطة هبة حاج عارف

بعد 24 ساعة من الأسئلة.. هذا ما توصلنا له حول مقتل الناشطة هبة حاج عارف

نساء | 28 02 2024

إيمان حمراوي نور مشهدي

نعت عدد من المنظمات النسوية السورية الناشطة، هبة حاج عارف، بعد العثور عليها مقتولة في منزلها مساء الإثنين، في مدينة بزاعة بريف حلب الشمالي الشرقي، وسط الإشارة إلى تلقيها قبل مقتلها تهديدات بسبب نشاطها.

حاولت روزنة على مدار 24 ساعة الماضية، الحصول على تفاصيل حول معطيات القتل أو طبيعة التهديدات التي تلقتها الناشطة أو الاتهامات لـ"فصيل الحمزة" بالمسؤولية عنها، لكن واجهتنا صعوبة بالغة في الحصول على تصريح من المقربات من هبة أو منظمات نسوية أو الجهات الأمنية في المنطقة التي تسيطر عليها فصائل "الجيش الوطني السوري".

ماذا حدث؟

"الحركة السياسية النسوية" قالت في بيان لها، أمس الثلاثاء، إنه "عثر على هبة مقتولة بعد تعرضها لتهديدات من قبل قوى الأمر الواقع بسبب نشاطها وموقفها كعضوة في مجلس بزاعة، ما اضطرها للاستقالة بعد أسبوعين من تلقيها هذه التهديدات".

ولم تحدد "الحركة" طبيعة التهديدات أو الجهة التي أطلقتها.

مصادر أشارت لروزنة أن الناشطة عثر على جثتها مشنوقة داخلت شقتها، دون توفر مزيد من التفاصيل حول ملابسات اكتشاف القضية أو الإبلاغ عنها أو الشهود على ذلك.

تفاصيل خاصة من مصدر مقرب

حصلت روزنة على تفاصيل من مصدر مقرب من الناشطة هبة، فضّل عدم الكشف عن اسمه أوهويته في ظل ما وصفه "الخوف والتوتر عند الجميع وتفضيل الغالبية عدم تصدّر المشهد حالياً فيما يخص أخبار الجريمة".

وأكد المصدر أن هبة أخبرت مجموعة من حلقتها الضيقة بشكل شخصي تعرّضها لتهديدات في الآونة الأخيرة، مضيفاً: "عند التواصل الأخير معها، ذكرت أنها ستشرح التفاصيل خلال لقاء الأسبوع الحالي في أعزاز، لكن الجريمة حصلت قبل اللقاء".

وأشار المصدر أن هبة تنحدر من "عائلة أو عشيرة كبيرة في المنطقة" وهي أم لطفلين "بنت تبلغ من العمر ست سنوات وصبي أصغر منها" وتسكن مع زوجها وطفليها في مدينة بزاعة، كما سبق لها أن درست في كلية الحقوق بمدينة حلب قبل سنوات.

ولفت المصدر أن هبة اعتقلت لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وأصدر حكم بالإعدام بحقها خلال فترة سيطرته على المنطقة (2014 - 2017): "اعتقلت عندما كانت في طريقها من حلب إلى بزاعة، وعندما حررت مدينة الباب هرّبها من السجن، مقاتلون من بزاعة".

وأوضح أن لهبة نشاطات في المنطقة حول توعية وتمكين النساء في بزاعة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الناشطات يتعرضن لضغوط ومضايقات "اجتماعياً وأمنياً" تصل لحد التهديدات في منطقة الباب، بسبب "تحديد أدوار مسبقة لهن"، وفق وصفه.

وتابع المصدر المقرب: "كان للراحلة قيمة مجتمعية في محيطها، بسبب نشاطها وفاعليتها بما يخص حقوق المرأة وتمكين النساء ودعمهن".

"كانوا أسرع منها"

الصحفية رويدة كنعان، تحدثت لروزنة، عن التهديدات التي وجّهت لهبة، وقالت إنها انتخبت لتكون عضو في المجلس المحلي في مدينة بزاعة، لكن أعضاء المجلس رفضوا الاجتماع بوجودها، بحجج مختلفة.

وتعرضت هبة كثيراً للتهديد "وطالب أعضاء من المجلس للتظاهر للمطالبة باستقالتها، والتجييش ضدها واتهامها بتعاملها مع النظام السوري"، وفق رويدة.

وتتابع ": "أخبرتني قبل وفاتها أنها تتعرض لتهديدات بالخطف من عناصر من فصائل مسلحة في المنطقة لم تحددها، لهذا كانت تعمل أن تنتقل مع عائلتها لمنطقة أكثر أماناً، لكن كان الموت أسرع".

وتشير رويدة إلى أن هبة كانت ملتزمة بدورها في الميدان التعليمي والاجتماعي وكان لديها نشاط سياسي وملتزمة بالدفاع عن حقوق الإنسان.

و تحدثت أيضاً الناشطة، فرح يوسف عبر فايسبوك، نقلاً على لسان هبة خلال حديثها معها في إحدى المرات، بأنها "تتعرض لهجوم و تحريض وحشد ضدها من قبل رجال بسبب منصبها في مجلس المحلي"، وأضافت فرح: "حق هبة ما لازم يضيع".

غضب واتهامات بلا أسماء!

أثار خبر مقتل هبة موجة غضب شديدة في أوساط المدافعات عن حقوق المرأة والمنظمات النسوية والنسائية، والعديد من الناشطين والناشطات السوريين، واصفين الجريمة بـ"النكراء"، كما طالبوا بفتح تحقيق نزيه لكشف الحقيقة ومحاسبة المجرمين.

لم تذكر أي من المنظمات النسوية اتهاماً بالاسم لفصيل أو جهة عسكرية أو أمنية في المنطقة التي تديرها "الحكومة السورية المؤقتة"، واكتفت بعضها بالإشارة إلى مصطلح "سلطات الأمر الواقع" أو "التهديدات التي تلقتها" دون تحديد الجهة التي وقفت وراءها.

واستنكرت الحركة السياسية النسوية "الجريمة" وطالبت بضرورة كشف الحقائق ومحاسبة جميع المتورطين فيها.

وتواصلت روزنة مع الحركة السياسية النسوية للوقوف على تفاصيل حول التهديدات وما حدث، وإلى الآن لم يصل أي رد.

لا صورة لهبة!

منذ لحظة الكشف عن مقتل الناشطة هبة، لم تنشر أي صورة لها من المنظمات التي كانت تنتمي لها أو المقربين والمقربات منها، كما لم تنشر تفاصيل دقيقة عن نشاطها السياسي أو الفترة الزمنية التي تلقت بها التهديدات أو تلك التي بدأت بـ"الشعور فيها بالخطر على حياتها".

وكانت تنتسب هبة إلى "الحركة السياسية النسوية السورية" و"شبكة المرأة السورية"، وتعمل كمديرة في مدرسة "الأخوة" التابعة لمنظمة "يني آدم" المدنية.

كذلك، هي عضو سابقة في المجلس المحلي لبزاعة، وعضو في العديد من التجمعات المدنية، وأم لطفلين تقيم مع زوجها في بزاعة.

المنظمات النسوية تنعي.. دون تفاصيل

ونعت "شبكة المرأة السورية" الناشطة هبة، بوصفها إحدى أعضائها، وقالت إنها تعرّضت سابقاً لتهديدات بالقتل، ما دفعها إلى الاستقالة من عضوية مجلس بزاعة المحلي.

وعند توجه روزنة بأسئلة حول التفاصيل، ردت "شبكة المرأة السورية" عبر حسابها الرسمي في "فايسبوك"، بعدم امتلاك معلومات في الوقت الراهن، في ظل وجود ما وصفته بـ"خطر وإحراج" في الوقت الحالي "لمن سيتحدث".

ونعت منظمة "مساواة، هبة، وقالت إن السلطات المحلية وصفت الحادث بأنه انتحار رغم معرفة الجميع أنها تعرضت لتهديدات كثيرة نتيجة نشاطها المدني، وبخاصة في الدفاع عن حقوق النساء، مشيرة إلى أنها استقالت من المجلس المحلي في بزاعة بسبب الضغط والتهديد، وسبق أن تلقت هي وأسرتها تهديدات بالقتل، وفق موقع "المنصة النسوية السورية".

بدورها، حملت شبكة "أنا هي" مجلس بزاعة المحلي و"الحكومة السورية المؤقتة" المسؤولية لحين الكشف عن ملابسات القضية، وطالبت بمحاسبة المسؤولين المباشرين، مشيرة إلى أنّ الضحية هبة تعرضت للعديد من التهديدات والملاحقات بسبب نشاطها المحلي.

كذلك أصدرت منظمة "عدل وتمكين" بياناً، نعت فيه هبة حاج عارف، وقالت إنه عثر على هبة وهي مشنوقة في محاولة لإظهار حادثة مقتلها على أنها انتحار، وطالبت المنظمة بمعاقبة المجرمين.

الصحفي ميلاد الشهابي، علّق على الجريمة قائلاً إنّ مقتل هبة "عار على جبين مؤسسات الشمال السوري التي تدّعي أن الشمال منطقة آمنة"، متحدثاً عن فساد المسؤولين بالشمال وعدم الوثوق بأي تقرير صادر من المنطقة حول الجريمة.

ما رد الشرطة وعائلة الضحية؟

تواصلت روزنة مع "شرطة مدينة بزاعة" والتي أشارت إلى أنّ التحقيقات الأولية لا زالت جارية، وامتنعت عن التصريح عن أي معلومات بسبب عدم اكتمال التحقيق.

وتنتظر روزنة معلومات حول التحقيق الأولي من "شرطة مدينة الباب" التي تتبع لها "شرطة بزاعة".

كذلك، تحاول روزنة التواصل مع مقربين من هبة، لكن دون جدوى إلى الآن، إذ قالت إحدى صديقاتها المقربات إن وضعها النفسي لا يسمح بأي رد حالياً.

ووفق مصادر محلية لروزنة، إنه "يتم ممارسة التضييق على عائلة الضحية من أجل عدم الإدلاء بأي معلومات لأي جهة إعلامية".

بيان من "أمن الباب" 

نشرت "مديرية أمن الباب" بياناً قالت فيه، إنها تتابع منذ أمس قضية مقتل هبة حاج عارف، مشيرة إلى أن "بعض الجهات الإعلامية نشرت معلومات لا أساس لصحتها محاولة ربط القضية ببعض المؤسسات المدنية والعسكرية، ولتحويل الحادثة إلى قضية رأي عام لنشر الفوضى قبل انتهاء عمليات التحقيق والوصول إلى ملابسات القضية كاملة".

وأضاف البيان أن عدة أشخاص مشتبه بتورطهم بالحادثة اعتقلوا، وفق التحقيقات الأولية، مؤكدة على "عدم وجود أي صلة لهم بالفصائل العسكرية إضافة إلى عدم وجود ارتباط بين الحادثة وأي عمل له علاقة بالشأن العام".

ماذا عن تقرير الطبابة الشرعية؟

تداول ناشطون معلومات حول منع الوصول إلى تقرير الطب الشرعي، فيما تحدث آخرون عن عدم وجود أي تشريح للجثة، دون التأكد من الآن حول دقة تلك المعلومات.

وحتى لحظة نشر المادة، لم تنشر "وزارة الداخلية" في "الحكومة المؤقتة" أي بيان حول القضية، فيما نشرت بالساعات الماضية خبراً عن "زيارة تفقدية لوزير الداخلية محي الدين هرموش لمديريات الشرطة في أخترين وصوران"

ما علاقة فرقة "الحمزات"؟

تسيطر "فرقة الحمزة" أو "الحمزات" على المنطقة، التي وجّه ناشطون اتهامات لها بمقتل "هبة"، حيث سبق وأن اغتال عناصر من الفرقة شهر تشرين الأول عام 2022 الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف أبو غنوم، وزوجته في مدينة الباب، ما دفع الأهالي للمطالبة بخروج الفصيل من المدينة، وفق تقارير إعلامية.

واتّهمت مصادر محلية في الشمال السوري، "فرقة الحمزة" باغتيال الناشطة هبة، وفق موقع "الخط الأمامي" الذي يعرف عن نفسه بأنه "لسان حال تيار اليسار الثوري في سوريا".

وأضاف الموقع أن "الشرطة المدنيّة في بزاعة المعروفة بتواطئها مع فرقة الحمزة وصلت إلى منزل الضحية بعد بلاغ وفاتها، مساء الإثنين، وبعد ساعةٍ من وصولها طلبت سيارة إسعاف لنقل جثّتها إلى المستشفى، واعتقلت زوجها وشخصين آخرين لإجراء التحقيقات".

التهديدات التي طالت الناشطة هبة كان من قبل فصيل فرقة "الحمزة" لإجبارها على الاستقالة من المجلس، دون معرفة الأسباب، وفق موقع "الخط الأمامي".

رويدة كنعان، الصحفية،  ذكرت خلال حديثها مع روزنة، أن هبة تحدثت لها قبل وفاتها عن تعرّضها للتهديد من قبل فصائل مسلحة، لم تذكرها، وأنها هددت بالخطف ومقتل عائلتها أيضاً.

ناشطات سوريات: من التالية؟!

الصحفية رويدة كنعان تحدثت عن مخاوف النساء الناشطات في الشمال السوري بعد مقتل هبة.

وقالت لروزنة إن "مقتل هبة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على بقية الناشطات في المنطقة، على عدة مستويات، ولا سيما انعدام الأمان بالنسبة لهنّ والخوف على سلامتهنّ، إضافة إلى أن الجريمة قد تؤدي إلى زيادة التهديدات والضغوط على الناشطات".

ورأت إن "استسهال قتل النساء وبخاصة مع إفلات المجرمين من العقاب ، قد يجعلهن هدفاً للتصعيد والاعتداءات الأخرى، اذ تفكر الكثير من الناشطات بسؤال: من التالية؟".

تلك المخاوف "قد تقلل من إرادة بعض النساء في المنطقة من المشاركة العامة والنشاط السياسي"، وفق رويدة، التي أشارت إلى أن مقتلها أيضاً ترك أثراً نفسياً كبيراً على النساء الناشطات ما قد يؤثر على أدائهن في كامل الحياة.

ويشهد الشمال السوري جرائم مستمرة، ولا سيما بحق النساء، في ظل الفوضى وانتشار السلاح والفصائل المسلحة، التي تسيطر على المنطقة، مع غياب المحاسبة والقانون.

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض