"ضاقت علينا".. شهادات سوريات تحت خطر الترحيل من غازي عنتاب

تقارير وتحقيقات | 28 03 2024

روزنة

تتخوف سيدات سوريات في ولاية غازي عنتاب من الترحيل إلى الشمال السوري على خلفية الحملات الأمنية المشددة بحق اللاجئين، في إطار "مكافحة الهجرة غير الشرعية" التي بدأت منذ أواخر العام الفائت من قبل السلطات التركية.

تتزايد المخاوف والإجراءات الاحترازية، لدى اللواتي توقفت قيود "بطاقة الحماية المؤقتة" (الكمليك) الخاصة بهن، ومن لا يملكنها، وهو ما دفع بعضهنّ لملازمة المنزل وعدم الخروج منه إلّا للضرورة القصوى، في ظل ترحيل الآلاف وفق تقارير إعلامية.

ضاقت.. إلى متى؟!

بدأت السلطات التركية حملات أمنية مشددة طالت الأجانب ولا سيما السوريين غير الحاملين لبطاقات "الكمليك"، والذين يملكون "كمليك" صادرة من ولاية غير التي يقيمون فيها، وذلك منذ منتصف عام 2022 في ولاية إسطنبول وتوسعت نحو الولايات الأخرى مثل أزمير وبورصة ومن ثم الولايات الجنوبية كولاية غازي عنتاب، ورحّلت عشرات الآلاف منهم.

سمر (29 عاماً) شابة سورية مقيمة في ولاية غازي عنتاب ولديها طفلان، تملك بطاقة "كمليك" صادرة عن ولاية مرعش، تتخوف من الخروج من المنزل بسبب ذلك، تقول لروزنة: "منذ أكثر من شهر لم أخرج من المنزل، كل ما أريده من حاجيات أشتريه عبر الانترنت أو خدمات التوصيل من المحال التجارية التي توفر ذلك".

وأضافت: "أحتاج إلى زيارة طبيبة من أجل وضع صحي لكني أؤجل ذلك بسبب خوفي من الترحيل، لا أعلم إلى متى سيبقى الوضع كما هو عليه، ضاقت علينا الحياة كثيراً".

سمر وعائلتها من الناجين من زلزال شباط 2023 حيث كانت تقيم في ولاية مرعش، وانتقلت إلى ولاية غازي عنتاب بسبب الصدمة النفسية والدمار الكبير الذي لحق بالمدينة.

تقول سمر والهم والقلق بادٍ في عينيها: "حتى زوجي لديه كمليك مرعش، كل يوم أدعو أن يعود سليماً، وألا أرى يوم ترحيله وترحيلنا (...) الحملات الأمنية ضيقت الخناق علينا كثيراً وحرمتنا نومنا وراحتنا، ألا يكفي ما حل بنا بسبب اللجوء والحرب في سوريا".

اقرأ أيضاً: سيارات الهجرة المتنقلة وصلت إلى غازي عنتاب وهاتاي.. ما عملها؟

كوابيس.. والمنزل سجن

تنتشر سيارات تابعة لدائرة الهجرة التركية، مع العديد من موظفي الأمن، في مختلف الأحياء بمدينة غازي عنتاب مثل "تشارشي والشارع الإيراني والمناطق الصناعية"، منذ أواخر العام الفائت، بهدف تفتيش المارة والبحث عن المخالفين، وفق شهادات سوريين لروزنة.

والي غازي عنتاب، كمال تشيبر، تحدث أواخر العام الفائت عن نشر سيارات هجرة متنقلة في ولاية غازي عنتاب، وقال في بيان مصور، إن نشر السيارات المتنقلة جاء بأمر من وزارة الداخلية "لتسهيل الكشف عن المهاجرين غير النظاميين (...) تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالمهاجرين في أسرع وقت ممكن، وتكثيف الأنشطة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية".

كذلك منى، تخاف الخروج من المنزل بسبب إبطال "الكمليك" قبل سنوات، تعيش يومياً منذ بدء الحملة الأمنية "كابوس الترحيل".

وعن وضعها، تصف لروزنة: "لا أخرج إلا إذا كنت مضطرة لذلك، منزلي أصبح كالسجن بالنسبة لي، أما زوجي لا مشكلة لديه لأنه تركي الأصل، وهو من يؤمن كل حاجياتنا".

وأشارت: "خوفي انعكس على أحلامي، كل يومين أو أكثر أرى نفسي داخل سوريا مبعدة عن عائلتي وطفلي".

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في تركيا المسجلين تحت الحماية المؤقتة 3 مليون و 151 الفاً و915 شخصاً، حتى أواخر شباط الفائت، ووفق جمعية "اللاجئين" التي تستمد إحصائياتها من دائرة الهجرة التركية، انخفض عدد السوريين اعتباراً من 29 شباط بمقدار 29 ألفاً و307 أشخاص مقارنة بالشهر الذي يسبقه.

قد يهمك: هل بدأ التشديد والترحيل لـ"السوريين المخالفين" في غازي عنتاب؟

التفتيش للجميع.. والترحيل أيضاً!

الحملة الأمنية في بدايتها شدّدت على الشباب الذكور المخالفين لنظام الإقامة، لكن مؤخراً توسعت وشملت حتى النساء.

وتحدثت روزنة مع العديد من السيدات في مدينة غازي عنتاب، وأكدن أن الشرطة التركية تفتّش الجميع رجالاً ونساءً في العديد من المناطق.

تقول زينب: "أوقفتنا الشرطة في منطقة الجمهوريات أنا وزوجي وأطفالي، وتأكدوا من بطاقات الحماية المؤقتة الخاصة بنا، خفت من الاعتقال رغم أنّ أوراقنا نظامية ولسنا مخالفين".

أما يسرى (61 عاماً) تعرّضت للاعتقال والترحيل إلى الشمال السوري، قبل أسبوعين، أوضحت لروزنة: "اعتقلتني الشرطة بينما كنت خارج المنزل، وكان قيد بطاقتي المؤقتة قد توقّف لأسباب أجهلها، نقلوني إلى مركز الترحيل (أوزلي) لمدة يومين ومن ثم إلى معبر باب السلامة لأجد نفسي في الشمال السوري".

بدورها تحدثنا بشرى: "ترحّلت صديقتي بسبب عدم وجود كمليك لديها، بعد اعتقالها بينما كانت في السوق تشتري طعاماً لعائلتها، حيث اقتيدت إلى سيارة الهجرة، وبقي زوجها وأطفالها هنا في المدينة".

ووفق وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، إن السلطات تواصل "مكافحة الهجرة غير النظامية عبر مراحل، بينها إنشاء عمليات ترحيل سريعة المفعول"، مؤكداً "إذا كان الأجنبي مهاجراً غير نظامي، يتم إرساله مباشرة إلى مراكز الترحيل لبدء إجراءات الترحيل".

ونشرت "هيومن رايتس ووتش" تقريراً اليوم الخميس، قالت فيه إن السلطات التركية ترحّل آلاف السوريين أو تضغط عليهم لمغادرة البلد نحو منطقة "تل أبيض" بريف الرقة شمالي سوريا، الواقعة تحت سيطرة "الجيش الوطني السوري" وتركيا، حيث الظروف الإنسانية مزرية.

واتّهمت المنظمة تركيا بأنها "تعمد منذ 2017 على الأقل إلى اعتقال آلاف اللاجئين السوريين واحتجازهم وترحيلهم بإجراءات موجزة، وغالباً ما تجبرهم على التوقيع على استمارات (العودة الطوعيّة) والعبور نحو الشمال السوري"، وفق قولها.

آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في المنظمة قال إن"(العودة الطوعية) التي تنفذها تركيا إلى (المناطق الآمنة) غالباً ما تكون عودة قسرية محفوفة بالمخاطر يشوبها اليأس" وأضاف: " تعهّد تركيا بإنشاء مناطق آمنة يظل بلا معنى، إذ يجد السوريون أنفسهم مجبرين على خوض رحلات خطرة هرباً من الظروف اللاإنسانيّة في تل أبيض" وفق التقرير.

ومنذ تموز 2023 أرسلت السلطات التركية 56 ألفاً و620 أجنبياً إلى مراكز الترحيل، وفق وزير الداخلية التركي.

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض