"لا تزال طفلة".. تحقيق: هكذا تجنّد "الشبيبة الثورية" الأطفال شرقي سوريا

تقارير وتحقيقات | 26 04 2024

إيمان حمراوي

أصدر "المركز السوري للعدالة والمساءلة" تحقيقاً، تحت اسم "إنها لا تزال طفلة" يسلط الضوء فيه على الانتهاكات التي تمارسها "حركة الشبيبة الثورية السورية" المنضوية تحت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بحق الأطفال تحت السن القانوني، من خلال تجنيدهم في مناطق شمال وشرقي سوريا.

ووثق المركز 23 حالة تجنيد للأطفال وقعت ما بين 2020 و2023 وتشمل تجنيد 15 فتاة و8 صبياً، وعشرة على الأقل (9 فتيات وصبي واحد) كانوا تحت سن الـ 15 وقت تجنيدهم، فيما تأكد من عودة 4 منهم إلى ذويهم، ويعاني اثنان منهم من إشكاليات ومصاعب نفسية.

وأجرى المركز السوري في الفترة ما بين آب 2023 وحزيران 2023 مقابلات مع 22 فرداً بالغاً من أفراد أسر الأطفال الذي زعم أنهم جندوا في مناطق سيطرة "قسد" أو "الإدارة الذاتية".

ووقعت "قسد" عام 2019 على خطة عمل لتسريح الفتيان والفتيات المجندين وفصلهم عن القوات، ومنع وإنهاء تجنيد الأطفال ممن هم دون 18 عاماً.

إحدى الفتيات التحقت بدورة للتدريب المهني في التمريض من تنظيم الحركة، وعقب انتهاء الدورة بادرت إحدى نساء الحركة لزيارة عائلتها وعرضت عليهم فرصة عمل للفتاة التي لا تزال تتابع تعليمها في المدرسة، وفي اليوم التالي اختفت الطفلة.

كذلك وثّق المركز في تحقيقه، أنماط الإساءة للأطفال والتي شملت "استهداف الأطفال والاختطاف والإخفاء وإجبارهم على الخضوع إلى تدريب عسكري إلزامي، وإنكار وجود معلومات لدى الحركة حول حالات الاختفاء المبلغ عنها".

كذلك، وثق إساءة عبر "العنف البدني والنفسي بحق الأطفال، وإسكات صوت عائلات الأطفال، والتقاعس عن التحقيق في الموضوع".

وتعرف "حركة الشبيبة الثورية" بأنها حركة اشتراكية "ثورية" تهدف إلى تنظيم الشباب السوري على أسس قائمة على "مبادئ المجتمع الديمقراطي وحرية المرأة".

كيفية تجنيد القصّر؟

ووفق التحقيق، اكتشف المركز نمطاً تعتمده الحركة في تجنيد القُصّر، وبشكل قسري في معظم الأحيان، "من خلال الالتفاف على صلاحيات أولياء الأمور"، ونقل أولئك القصر إلى أجهزة وتنظيمات عسكرية وأمنية مرتبطة بـ"قسد" من قبيل "وحدات حماية الشعب" و"وحدات حماية المرأة" و"الأسايش" (قوات الأمن الداخلي).

وذكر التحقيق، وفق الشهادات، أن "حركة الشبيبة الثورية" جنّدت الأطفال ممن هم دون الـ 18 عاماً وحتى من هم تحت الـ 15 عاماً أحياناً.

وأشار إلى أنّ الحالات التي جرت ليست ناجمة عن أخطاء فردية لعناصر الحركة، وإنما هي ممارسة مقصودة ومتعمدة من طرف الحركة، ماعدا الإساءات والانتهاكات المتكررة على مدار عدة سنوات من قبل عناصر الحركة.

اقرأ أيضاً: القامشلي.. والد فتاة مريضة يروي قصة اختطافها ويناشد لإعادتها (صوت)

استهداف الفئة الهشة

ويعيش المدنيون في مناطق شمالي شرقي سوريا ظروفاً إنسانية صعبة في ظل خطر احتمال تصاعد وتيرة النزاع، فيما العديد من العائلات النازحة يعاني أطفالها من تبعات النزاع لسنوات، في ظل حضور قوي لـ"حركة الشبيبة الثورية" من خلال الفعاليات التي تنظمها في كل منطقة ومدينة وقرية.

وذكر التحقيق أن الحركة تستهدف الأطفال الذين يعيشون أوضاعاً هشة ويمرون بمرحلة عمرية حساسة "سن المراهقة"، عن طريق إغرائهم بوعود نمط حياة مختلفة والعيش بشكل مستقل عن أولياء أمورهم.

وغالباً ما تخدع الحركة الأطفال تحت غطاء استدراجهم للتسجيل في دورات تعليمية أو مهنية، والتعهد لهم بتوفير فرص عمل لهم، وفق التحقيق.

وتشمل أكثر أساليب التجنيد شيوعاً لدى الحركة فرز أطفال المدارس الملتحقين بأنشطة الحركة الثقافية، كونها أنشطة تجذب الأطفال الذين يعيشون أوضاعاً هشة وصعبة.

ويتوجه غالباً أفراد الحركة إلى العائلات وأولياء الأمور لإقناعهم أطفالهم للمشاركة في أنشطة الحركة ودوراتها التدريبية المتاحة بالمجان.

وتسعى الحركة إلى الاتصال المباشر مع الأطفال دون علم عائلاتهم، فضلاً عن استخدام أطفال آخرين لتجنيد أقرانهم وخصوصاً في المدارس.

قد يهمك: مجلس ايزيديي سوريا: اختطاف فتاة مريضة وقاصر بهدف تجنيدها

الاختطاف والإخفاء وإجبار الأطفال على تدريب عسكري

ينقل الأطفال المستهدفون سراً بعد اختطافهم إلى مواقع غير معروفة خارج قراهم وبلداتهم، قبل أن ينقلوا إلى معسكرات التدريب العسكري الإلزامي، ويمكثون فيها محرومين من حريتهم، ويقطع عنه أي اتصال مع العائلة.

وتجبر "حركة الشبيبة الثورية" الأطفال القصر المجندين على الخضوع لتدريب إلزامي لمدة لا تقل عن ستة أشهر في انتهاك لسن التجنيد الإلزامي المعمول به رسمياً في سوريا ومناطق "قسد".

إنكار وجود معلومات لدى الحركة

جميع الحالات التي وثقها المركز، أنكرت "الحركة" أي علم أو صلة لها بحالات اختفاء الأطفال المبلغ عنهم.

وعند مواجهة عائلات الضحايا "الحركة" ببعض المعلومات والأدلة الملموسة بحوزتهم، أقر عناصر "الحركة" بوجود أطفال مجندين في صفوفهم، دون الكشف عن مكانهم أو السماح بإجراء أي تواصل معهم.

ولفت التحقيق إلى أن معظم الحالات الموثقة، أوردت عائلات الأطفال المختطفين أو المفقودين أنها أبلغت "الإدارة الذاتية" حول فقدان الأطفال، وكانت "الأسايش" مصرة على إنكار أي صلة لهم بالحالات المبلغ عنها، وقال بعض عناصرها لتلك العائلات بأنه لا سلطة لديها على "حركة الشبيبة الثورية".

عنف بدني ونفسي

ووفق شهادات أطفال جندوا وعادوا إلى ذويهم، بحسب ما ذكر أولياء الأمور في التحقيق، أن "الأطفال غير المتعاونين يتعرضون لضروب من سوء المعاملة في معسكرات التدريب، إحدى الطفلات كانت تبكي بحرقة عقب عودتها بعد إطلاق سراحها قالت إنها تعرضت للضرب من المدربات ترهيباً وتأديباً".

إسكات صوت عائلات الأطفال

عندما يتحدث الأهالي عن حالة تجنيد لطفل ما، تبادر "حركة الشبيبة" إلى الاتصال بأسرة الطفل بهدف إسكاتهم إما عن طريق التهديد و الترهيب أو الترغيب بوعود فارغة.

إحدى الأمهات بعد اختفاء طفلتها، تلقت اتصالاً هاتفياً من الحركة وجهوا إليها تهديدات وطلبوا منها التوقف عن نشر تفاصيل حالة طفلتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

فيما أكدت إحدى العائلات أن الحركة حاولت اختطاف طفلها الثاني بعد اختطاف الطفل الأول، من باب التهديد للتوقف عن الحديث حول اختطاف طفلها.

في سوريا بين تموز 2018 وحزيران 2020 تحققت الأمم المتحدة من 1423 حالة في 11 محافظة من أصل 14، ونسبت الحالات إلى ما لا يقل عن 25 طرف عسكري.


بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض