الرقة والحسكة: احتجاجات ضد تسعيرة القمح.. وتغطية الصحافة ممنوعة!

الرقة والحسكة: احتجاجات ضد تسعيرة القمح.. وتغطية الصحافة ممنوعة!

تقارير وتحقيقات | 28 05 2024

منع "المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا"، صحافيين بينهم مراسل روزنة عبدالله الخلف، من تغطية وقفة احتجاجية لفلاحين ومزارعين شهدتها مدينة الرقة ضد قرار تسعير القمح الأخير، بالتزامن مع احتجاجات مماثلة شهدتها مدن في محافظة الحسكة.

ونظم مزارعون وفلاحون، أمس الاثنين، وقفة احتجاجية أمام مبنى "المجلس التنفيذي" في الرقة، رافعين لافتات تستنكر قرار تسعيرة القمح الأخير الذي حددته "الإدارة الذاتية" بـ 31 سنتاً من الدولار الأمريكي للكيلو غرام الواحد.

وخلال تغطيته للوقفة الاحتجاجية وإجرائه مقابلات مصورة مع مزارعين مشاركين، منع مسلحون يتبعون لـ"الإدارة الذاتية" مراسل روزنة عبدالله الخلف وصحافي وصحافية محلية، من تغطية الحدث، رغم امتلاك مراسلنا رخصة مزاولة مهنة صحافي بالمنطقة.

أتعابنا خط أحمر

ورفع المزارعون خلال الوقفة بالرقة لافتات كتب على أحدها: "أتعابنا وأرزاق أولادنا.. خط أحمر"، كما رددوا شعارات تطالب برفع المبلغ إلى 50 سنت كحد أدنى "وهو مطلب رئيسي لا تنازل عنه".

وأظهر مقطع مصور عدداً من المزارعين مستلقين على الأرض لقطع الطريق أمام سيارات تابعة للمجلس، وسط أصوات غاضبة تصرخ: "هؤلاء هم الفلاحين وقد يأسوا، هؤلاء الفلاحين الذين ماتوا (تضرروا). هيّا افعلها! هيّا إن كنت تستطيع دهسه!".

ونظم مزارعون في مدن الدرباسية والقامشلي وعامودا بريف الحسكة، وقفات احتجاجية لليوم الثاني على التوالي ضد قرار تسعيرة القمح، كما شهدت مدينة منبج بريف حلب وقفة مماثلة.

وجاءت مطالب المحتجين في عامودا مشابهة لأقرانهم في الرقة، حيث طالبوا برفع التسعيرة إلى 50 سنت من الدولار الأمريكي للكيلو غرام الواحد.

وكتب في لافتات: "سقينا منطقتنا بدمنا.. وما نبيعها ببلاش" و"لا للتجويع" و"لا للقرار الظالم" و"لا تعبثوا بأرزاقنا".

ويوم أمس الأحد، حددت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" سعر شراء كيلو القمح الواحد من المزارعين بـ0.31 دولاراً، أي ما يعادل 4650 ليرة سورية، بسعر أقل من العام الماضي (كانت 43 سنتاً).

وأشار البيان إلى أن التسعيرة الجديدة جاءت بناءً على اجتماع عُقد بين الهيئة الرئاسية للمجلس التنفيذي و"هيئة الزراعة والري لشمال وشرق سوريا"، واجتماع آخر ضم الهيئة الرئاسية للمجلس التنفيذي ومنسقية اتحاد الفلاحين.

اقرأ أيضاً: بتسعيرة أقل من العام الماضي "الإدارة الذاتية" تحدد سعر القمح.. ومزارعين يرفضون

مفاجأة بعد التفاؤل

جميل أبو حسو مزارع من قرية مصطو هندي التابعة لمدينة عامودا ، قال لروزنة: "اعتصامنا سلمي ندافع فيه عن لقمة عيشنا، وعملنا الوحيد هو الزراعة، كون منطقتنا زراعية بحتة لا توجد فيها أي عمل آخر غير الزراعة ".

وتابع: "تشجعنا كثيراً بزيادة وتطوير زراعتنا بعد تسعيرة العام الماضي ولكن انصدمنا بقرار الإدارة الذاتية بتسعير كيلو القمح بـ 31 سنتاً. قرار صادم ومدمر بحق الفلاحين و المزارعين والمنطقة بشكل عام".

وتحدث أبو محمد هو الآخر عن تفائله الشديد بأن تكون تسعيرة القمح لهذا الموسم أفضل من الموسم الماضي التي كانت 45 سنتاً من الدولار للكيلو الواحد، موضحاً: "تفاجأنا بالتسعيرة الجديدة في ظل ارتفاع تكاليف الحراثة والبذار والحصاد والمحروقات".

وأكد المزارع في القامشلي، لروزنة، أن "الإدارة الذاتية" قدمت للمزارعين محروقات لدفعة واحدة أو دفعتين، ما اضطرهم لشراء المازوت من السوق السوداء.

ورأى "أبو محمد" أنه كان يتوجب على "الإدارة" إجراء دراسة شاملة من جميع النواحي قبل إصدار التسعيرة الحالية، فيما طالبها جميل بالرجوع عن قرارها "غير المدروس"، وتعديل المبلغ ليتناسب مع المصاريف ويضمن أرباحاً معقولة للمزارعين، ما يشجعهم على الاستمرار في الزراعة لخدمة المنطقة.

نتائج كارثية

حمل المحلل الاقتصادي خورشيد عليكا "الإدارة الذاتية" المسؤولية في دعم القطاع الزراعي بشكل يؤمن من خلاله الفلاح والمزارع "لقمة معيشته بكرامة خلال أشهر السنة".

وحذر في حديث مع روزنة، أن غياب الدعم سيدفع المزارعين للعزوف عن زراعة أراضيهم لعدم تمكنهم من تأمين لقمة عيشهم "وهذا سيكون له نتائج كارثية على الأمن الغذائي وواردات الإدارة من المحاصيل الزراعية وسيكون قطاع استراتيجي خارج الخطة الاقتصادية".

ويرى أن الحل بما يخص التسعيرة، رفعها لحد أدنى يصل لـ 40 سنت من الدولار لكيلو القمح الواحد.

وسبق أن حددت "الإدارة" سعر كيلو القمح الواحد بسعر 43 سنت أمريكي في موسم عام 2022/2023 وكان سعر الدولار الأمريكي بتاريخ 26-5-2023 بحدود 8900 ل.س وبالتالي كان سعر كغ القمح بحدود 3827 ل.س

وفي الموسم الحالي، حددت سعر كيلو القمح بـ 31 سنت أمريكي، ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي بتاريخ 26-5-2024 بحدود 15000 ل.س ما يجعل سعر كيلو القمح بحدود 4650 ل.س، وبالتالي هناك زيادة في سعر شراء كغ القمح حسب "الإدارة" بـ 823 ل.س

وحول هذه النقطة، يعلق "عليكا": "المشكلة تكمن بزيادة في تكاليف الإنتاج لدى الفلاح ويرافقه قلة الإنتاج وهذا يعني بأنه الإنتاج ضعيف ولا يغطي تكاليف الإنتاج ومصاريف الإنتاج ومصاريف الفلاح من أجل العيش وبالتالي هناك سخط اجتماعي عام من السعر المحدد من قبل الإدارة الذاتية".

وحسب المحلل الاقتصادي فإن الفلاح والمزارع يرى أنه "قد يحصل على مربح لا تغطي أكثر من شهر من مصاريفه من أجل العيش وهذا بحد ذاته يعتبر كارثة حقيقية للفلاح، وبالتالي يحصل على هامش ربح لا يغطي إلا مصروف شهر واحد من مصاريف 12 شهراً من السنة".

حملة إلكترونية

ونظم ناشطون محليون في الرقة والحسكة ودير الزور، حملة مناصرة إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّروا فيها عن غضبهم من قرار تسعيرة القمح الأخير.

وكتب الناشط بشير المسلط في فايسبوك: "تم تحديد سعر القمح بمبلغ ٣١ سنتاً للكيلوغرام، ما يُعادل ٣١٠ دولار للطن مع العلم ان انتاج الدونم الواحد هي نصف طن في افضل الأحوال، وتبلغ تكلفة الإنتاج للدونم الواحد ١٥٠ دولار، اي انه لم يغطي تكاليف الانتاج الأساسية، دون احتساب مصاريف التسويق والمعيشة والمخاطرة".

وأضاف: "يختلف السعر المحدد من قبل الإدارة الذاتية عن السعر العالمي بكثير، حيث يبلغ اكثر من ٦٠ سنتاً أي اكثر من٦٠٠ دولار للطن، مما يعني أن الإدارة الذاتية ستحقق ربحاً بمقدار الضعف دون تحمل أي جهد أو أعباء. في العام الماضي، كان سعر القمح ٤٣ سنتاً للكيلوغرام، ولكن لم تلتزم الإدارة بشرائه بسبب انخفاض الطلب العالمي".

 ورأى أن ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب العالمي دفع "الإدارة" لمنع تسويق القمح لجهات أخرى وتقييده بسعر متدني جداً "تقدر كمية الانتاج ٤٧ بالمئة من الانتاج السوري الذي يصل إلى ٤ ملايين طن سنويا في السنوات الضعيفة وستة مليون طن في الوفيرة. ما يعني ان الإدارة سوف تحقق ربح ٣٠٠ مليون دولار من فائض الانتاج المخصص للتصدير".

وتحت هاشتاغ "عدّلوا التسعيرة" دعا نشطاء ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الفلاحين في شمالي شرقي سوريا، للمشاركة في الاحتجاجات مبررين بأن قرار التسعيرة الجديدة "يكبّد فلاحي المنطقة خسائر فادحة".

أحزاب سياسية تعترض

اعترضت بعض الأحزاب السياسية في شمالي شرقي سوريا على تسعيرة القمح التي أعلنتها "الإدارة الذاتية، يوم أمس الأحد.

وأصدر كل من حزبي "الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا" و"الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا" بياناً مشتركاً اعتبرا فيه التسعيرة الجديدة بأنها "مجحفة".

وبحسب البيان المشترك الذي نشره الحزبان على صفحتيهما الرسميتين فإن القرار "مجحف وظالم بحق الفلاحين والمزارعين، وخاصة أن منطقتنا تعتبر من المناطق الزراعية الأساسية في البلاد، ويجب على الإدارة دعم القطاع الزراعي، وتوفير البيئة المناسبة لتطوير الزراعة من أجل تحقيق الأمن الغذائي للسكان".

وأضاف البيان بأن "ما حصل هو ضربة مؤلمة للقطاع الزراعي برمته، ومحاولة لإفقار الفلاحين والمزارعين في هذا المجال، ويتسبب في ازدياد وتيرة الهجرة إلى خارج البلاد".

وطالب بتعديل تسعيرة القمح، "بحيث لا تقل عن تسعيرة موسم 2023، وإنصاف الفلاحين والمزارعين لتأمين حياة حرة وكريمة لهم ولعوائلهم، ولتحقيق متطلبات ومبدأ العدالة الاجتماعية".

تضامن مع عبدالله الخلف

وبعد مصادرة هاتفه والاعتداء عليه لفظياً، طالب المحتجون بخروج عبدالله الخلف من المبنى كما أظهر مقطع مصور جرى تداوله عبر مواقع التواصل، ليعود لاحقاً إلى منزله بعد إجباره على مسح جميع المقاطع المصورة لتغطيته.

ومنع المزارعون التعرض لصحافية وصحافي خلال تغطيتهما للوقفة، وأخرجوهما بسيارة أحدهم بعد تأمينهما.

كذلك عبر ناشطون محليون عبر مواقع التواصل عن تضامنهم مع "الخلف" وزملائه الصحافيين، مشددين على ضرورة ضمان سلامة عمل الصحافيين بالمنطقة وتقديم اعتذار لهم.

ويوم الاثنين الماضي، رفعت "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" سعر ربطة الخبز من 1000 ليرة سورية إلى 1500 ليرة، وسعر طن الطحين بـ800 ألف ليرة سورية، في جميع المناطق التي تسيطر عليها.

ووفق تقرير نشرته "روزنة" العالم الماضي، حددت الإدارة الذاتية سعر شراء الكيلو غرام الواحد من القمح من الفلاح بـ 43 سنتاً، بينما حدده النظام السوري بـ2800 ليرة سورية (كان الدولار الواحد يساوي حينها 8880 ليرة سورية).

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض