عن حافلات النقل العام في الرقة.. ركاب لروزنة: نُكبس كالمكدوس!

عن حافلات النقل العام في الرقة.. ركاب لروزنة: نُكبس كالمكدوس!

تقارير وتحقيقات | 19 06 2024

عبد الله الخلف

مرت عشر دقائق، عشرون، نصف ساعة، ولازال فهد ينتظر وصول حافلة النقل الداخلي التي سيستقلها للوصول إلى مكان عمله داخل مدينة الرقة.

وصلت الحافلة أخيراً "لكن كالعادة كانت ممتلئة بالركاب مثل المكدوس"، كما يصف الشاب العشريني في حديثه مع روزنة.

درجة الحرارة 41، والحافلة التي يعود تاريخ صنعها إلى سبعينيات القرن الماضي مزدحمة بالركاب، ولا وجود للتكييف. وفي هذه اللحظات يحرص فهد أشد الحرص على تفقد جيوبه "كل دقيقة، فحوادث النشل تكثر هنا"، يقول لنا.

كل يوم، يعيش فهد ونسبة واسعة من سكان مدينة الرقة هذه الأجواء التي يصعب فيها أخذ النفس. ازدحام وانتظار ومشاكل عديدة تصادفهم أثناء تنقلهم في حافلات النقل الداخلي، سيرويها عدد ممن قابلناهم في الحافلات وعلى مواقف الانتظار.

تكديس البشر

أكثر ما يزعج فهد في رحلة الذهاب والعودة من عمله كل يوم، أن سائق الحافلة يستمر "بحشو حافلته بالركاب مهما امتلأت"، وفق تعبيره.

وأضاف: "أحياناً تجد أن الناس الواقفين في ممر الحافلة أكثر من الجالسين على المقاعد، وهذا الأمر أعتقد أنه غير قانوني ربما أو غير أخلاقي، خاصةً أن هناك كبار سن ونساء وأطفال".

"أم عبده" سيدة ستينية، تضطر للذهاب من حي الدرعية إلى دوار الدلة أو ما يعرف بـ"دويرة الخضرة" (نسبة لسوق خضار رئيسي)، لشراء الخضار كونها أرخص من السوق المجاور لمنزلها.

وبطبيعة الحال لا تذهب "أم عبده" بواسطة سيارات الأجرة "التكاسي"، التي تصل أجرتها من 15 إلى 25 ألف ليرة سورية، بينما تذكرة حافلة النقل العام التي تستقلها بـ 1000 ليرة فقط.

تقول "أم عبده" في حديثها مع روزنة: "الجو حار وتعب علينا والله، تطلع بالحافلة، الناس وجوههم بوجوه بعض، يتنفسون وينقلون الأمراض لبعضهم، أنا سيدة كبيرة غالباً الناس يدعوني أجلس مكانهم، ولكن الحرارة لا تطاق أيضاً. يجب أن يجدوا (الإدارة) حلاً".

أما أم سالم المرأة الخمسينية فترى أن الحل يتمثل بزيادة عدد الحافلات، وأن تكون كبيرة وحديثة بدلاً من القديمة الصغيرة التي تعمل حالياً، شارحة مطلبها: "نضطر نطلع بالحافلة، التكاسي غالية، وزوجي حارس يأخذ بالأسبوع 150 ألف ليرة، لازم يراعون وضع الناس الفقراء ويزيدوا الباصات".

سرقات

الحافلات في الرقة متنوعة، بعضها صغيرة والأخرى كبيرة، وهناك الحديثة المكيفة والقديمة، ولكن معظمها قديمة صنعت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وبعضها تصبح "مثل الفرن" في أيام الصيف،  على حد وصف بعض من التقيناهم، ومع الازدحام يكون الوضع أصعب.

ومساوئ الازدحام في الحافلات كثيرة، أهمها ازدياد حوادث السرقة والتحرش الجنسي داخلها، ولم يأتي حرص فهد على تفقد جيوبه من فراغ، فقد تعرض للسرقة قبل حوالي سنة أثناء ركوبه الحافلة.

ويروي ما حدث معه: "كنت راجع على البيت المغرب وطلعت بالباص وكان زحمة كثير، وقفت مع الناس بالممر، وتعبان ومو منتبه لشي، بس بدي أوصل. لم أنتبه حينها أني تعرضت للسرقة إلا بعد وصولي البيت، سرقوا مني جوال وكفر (غطاء) الجوال كان به 100 دولار (توضع في جيب صغير للغطاء)".

لم يتخذ فهد أي إجراءات، فمن وجهة نظره أن الحافلة كانت مزدحمة فلا يعرف من يتهم، ولكنه أصبح أكثر حرصاً، خوفاً من أن تتكرر معه نفس الحادثة، حسب قوله.

تحرش

وبالنسبة لرندة (اسم مستعار) الطالبة الجامعية التي تضطر للذهاب بالحافلة من منزلها قرب دوار الادخار إلى باب بغداد فإن ركوب الحافلة أصبح أمراً "مقرفاً" كما تصفه.

وتقول لروزنة: "أقطع مسافة طويلة بالحافلة للوصول للجامعة والعودة منها كل يوم، وأحياناً أتعرض للمضايقات، لا يكون التحرش بشكل مباشر، ولكن بحجة الازدحام يقترب المتحرش كثيراً وإذا واجهته يقول لا مكان في الحافلة!".

يكون حظ رندة جيداً إذا وجدت مقعداً أو نهض أحدهم وتبرع بمقعده لها، ولكن هذا لا يحدث كل يوم، وأحياناً تفضل العودة إلى البيت مشياً لتجنب المضايقات التي قد تتعرض لها في الحافلة.

مناطق لا تصلها الحافلة..

على الرغم من وجود 147 حافلة تخدم مدينة الرقة والريف القريب منها، إلا أن هناك مناطق لا تصلها الحافلة، مثل حي الطيار، حيث يضطر السكان منذ نحو ثلاثة أشهر لقطع مسافة طويلة للوصول إلى موقف الحافلات على الطريق العام قرب "البانوراما".

وعن هذا الأمر يقول فهد الذي يسكن في حي الطيار: "أنا أسكن في آخر الحي، أقطع مسافة طويلة مشيا للوصول للموقف، حجة سائقي الحافلات أن الطريق فيه حفر وغير صالح لسير الحافلات، لذلك هذه المشكلة برسم المعنيين، يجب إصلاح الطريق".

ويضيف فهد أن معظم سكان الحي من الطبقة الفقيرة، ولا يستطيعون تحمل أجرة التكسي، أما أم سالم فتطالب بالإسراع بإصلاح الطريق لعودة الحافلات.

وأوضح لروزنة: "نذهب للسوق ونعود ومعنا أغراض كثيرة أحياناً، والمشي لهذه المسافة مع الأغراض متعب، نريد حلاً عاجلاً".

وعود بحلول قريبة

تواصلت روزنة مع عبد الله الحسن مدير "مصلحة النقل الداخلي" في "بلدية الشعب" بالرقة، والذي أكد وجود دراسة لزيادة عدد الحافلات قريباً. وأوضح: "لدينا 12 حافلة قيد الصيانة، ونقوم الآن بتسجيل حافلات حديثة لإدخالها إلى الخدمة".

وأضاف أن هناك دراسة لإمكانية إدخال سيارات الأجرة على خطوط النقل الداخلي بأسعار معقولة للتخفيف من الازدحام الذي تشهده الحافلات.

وعن عدم وصول الحافلات لبعض المناطق وبشكل خاص حي الطيار، قال: "مشكلة الحي ستحل قريباً، حالياً البلدية تقوم بمشروع صرف صحي في الحي، بعدها سيتم تعبيد الطريق وستعود الحافلات".

وعن المشاكل التي تحدث من سرقات وتحرش أشار إلى أنهم ينسقون مع "قوى الأمن الداخلي" للحد من هذه المصاعب.

وأشار في حديثه: "سبق أن ألقينا القبض على سارقين وسلمناهم إلى قوى الأمن، وحالياً نحن على تواصل معهم من أجل إنشاء نقطة أمن قرب مركز المصلحة عند دوار الساعة".

وتتولى "مصلحة النقل الداخلي" مسؤولية تسجيل سيارات الأجرة.

يطالب البعض بتوحيد تسعيرة معقولة لسيارات الأجرة لتخفيف الازدحام في الحافلات، وحول الاقتراح قال "الحسن" إن الأمر يحتاج لتسجيل كافة السيارات، وبعد ذلك التنسيق مع "دائرة الاقتصاد" لإيجاد تسعيرة موحدة مناسبة.

ما عدد الحافلات وخطوطها؟

بحسب البلدية يوجد 14 خط سير للحافلات ضمن مدينة الرقة ونواحيها، بمجموع يتجاوز 140 حافلة.

والتوزيع كالتالي: "خط الدرعية – الطيار: 12 حافلة، وخط الدرعية – قطار: 14 حافلة، خط المساكن: 12 حافلة، خط الماكف: 14 حافلة، خط الصوامع: 10 حافلات، خط المشلب تصحيح: 8 حافلات، خط المشلب مأمون: 8 حافلات".

يضاف لها "خط الخاتونية: 10 حافلات، خط الكسرة: 10 حافلات، خط المزارع: 18، خط الأسدية: 7، خط طاوي: 14، خط الرقة السمرة: 6، خط المحوكية: 4". 

أكثر من 140 حافلة يراه البعض رقماً متواضعاً لتخديم الرقة وريفها القريب، بينما يأمل مستخدمو النقل العام أن تتحسن ظروفه في قادم الأيام، بعيداً عن "المكدوس البشري والسرقة والتحرش".

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض