تقارير | 25 06 2024

نور الدين الإسماعيل

تستمر فعاليات "كرنفال شارع الأكل" في مدينة المعارض القديمة بدمشق، مع تخفيض رسوم الدخول إلى 20 ألف ليرة سورية للشخص الواحد، بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، في ظل انتقادات وجهها سوريون لقيمة رسم الدخول وأسعار الطعام التي وصفوها بـ"المرتفعة" التي لا يمكن لغالبية السوريين دفعها.

تقام فعالية "شارع الأكل" بدمشق بالتزامن مع أزمات اقتصادية متلاحقة يعيشها السوريون، وتراجع القدرة الشرائية لدى الغالبية منهم، وعدم قدرتهم على تأمين المستلزمات اليومية الضرورية.

تواجد خجول للعائلات

مراسل "روزنة" في دمشق أجرى جولة داخل "كرنفال شارع الأكل" حيث لاحظ تراجع نسبة إقبال العائلات خلال فترة ما بعد عيد الأضحى، في حين تبين أن غالبية رواد الكرنفال هم من فئة الشباب.

يدفع الراغب بالدخول رسماً على الباب الرئيس وقدره 20 ألف ليرة سورية عن الشخص الواحد (1,48 دولاراً أمريكياً)، لمرة واحدة، حيث يتوجب على من يخرج من مكان الكرنفال لقضاء حاجة ما قطع تذكرة جديدة في حال قرر العودة والدخول مجدداً إلى الكرنفال، وبقيمة 20 ألف ليرة.

ووفق المراسل، تحتاج عائلة مكونة من ستة أشخاص إلى 120 ألف ليرة سورية ثمن تذاكر دخول فقط، دون طلب طعام أو شحن البطاقة مالياً للاشتراك بالألعاب.

أسعار مرتفعة

يضطر الراغبون بشراء أي نوع من المأكولات أو المشروبات ضمن الكرنفال لشحن بطاقات إلكترونية من كوّات تابعة لبنك "البركة"، وعددها ثماني كوات، غالبيتها معطلة، في حين يعمل منها اثنتان.

أسعار الأطعمة داخل "الشارع" مرتفعة بشكل كبير، حيث تباع أقل سندويشة فيه بسعر 25 ألف ليرة سورية، والملفت، بحسب مراسلنا، يباع نفس الطعام من نفس المطعم خارج "شارع الأكل" بسعر أقل.

ويبلغ سعر سندويشة البرغر في المحلات والمطاعم خارج "شارع الأكل" 30 ألف ليرة سورية، والتي تباع من نفس المحل داخل "الشارع" بسعر 35 ألف.

وقال مراسل "روزنة"، إن عدداً من الألعاب الخاصة بالأطفال والكبار تتوفر ضمن الكرنفال، حيث تتراوح أسعار بطاقاتها بين 10 آلاف و 35 ألف ليرة سورية.

جمع بيانات

يسجل منظمو الكرنفال بيانات الزوار الشخصية في الكوات الرئيسية، ما أدى إلى حدوث ازدحام وطوابير على كوّات بطاقات الدخول.

وأفاد المراسل بأن عملية التسجيل على بطاقة الدخول تتضمن الحصول على معلومات الاسم الكامل والسكن والعمل ورقم الهاتف، وقد تستهلك تلك العملية للشخص الواحد بين 20 و 40 دقيقة، ما يتسبب بازدحام كبير.

"تدفع لتشم ريحة الأكل"

يعتمد "كرنفال شارع الأكل" على تجمع أكثر من 60 مطعماً في منطقة الكرنفال المقام في مدينة المعارض القديمة.

توجهت "روزنة" بسؤال لعدد من العاملين في القطاع الحكومي، حول قدرتهم المالية على دخول "كرنفال شارع الأكل"، وإمكانية تناولهم بعض الوجبات التي يحبونها، ومشاركتهم في الفعاليات.

وقال لـ"روزنة" أبو محمد (اسم مستعار) وهو معلم في إحدى المدارس الثانوية بدمشق: "سمعت عن الكرنفال، لكن من المستحيل زيارته بالنسبة لي ولعائلتي، فأنا بحاجة إلى 40 ألف ليرة سورية رسوم دخول لي ولزوجتي، في حال صدق الحديث عن دخول الأطفال مجاناً".

وأضاف أبو محمد: "سأدفع الـ40 ألفاً فقط من أجل أن نشمّ رائحة الأطعمة، دون أن نتذوقها، فإذا أردنا شراء الوجبات علينا شراء قسائم خاصة، ربما يصل سعرها مجتمعة إلى 100 ألف، لتكفي عائلتي المكونة من 6 أشخاص، هذا جنون".

بدورها، سخرت لمى (اسم مستعار) من السؤال، وهي موظفة في مؤسسة حكومية، قائلة: "شارع مين وأكل مين، نحنا يا دوب طلعنا من العيد ومصاريفه بطلوع الروح، راتبي 220 ألف ليرة (16,2 دولار أمريكي)، ولبس للأولاد ما قدرت جيب حتى روح على كرنفال مخصص للأغنياء فقط".

ووصفت زوار "الكرنفال" بأنهم يعيشون في "بلد آخر" يمكن أن يكون "سيريا التي يحاول اليوتيوبرز والبلوغرز تصويرها، بعيدة بشكل كبير عن سوريا التي يعاني غالبية سكانها من ظروف اقتصادية قاسية".

وأبدى رائد (اسم مستعار) والذي يعيش في مدينة دمشق استغرابه من السؤال، موضحاً أنه لم يسمع بالكرنفال من قبل، ولا يهمه، لأنه غير قادر على دخوله أساساً.

"دخول الأطفال ليس مجاناً"

أوضح مراسل "روزنة" أن رسم الدخول يشمل الجميع صغاراً وكباراً، خلافاً لما ادّعاه زيد العجلاني أحد مؤسسي شارع الأكل في حديث لإذاعة "شام إف إم" المحلية، قبل يومين، عن دخول الأطفال مجاناً للكرنفال.

ورداً على مزاعم العجلاني، قالت ألينا في تعليق على منشور "شام إف إم" وتصريح العجلاني: "دخول الأطفال غير مجاني عن تجربة".

وأضافت السيدة بأن هناك "مشاكل بتفعيل البطاقة وشحن الرصيد، ووصول الرسالة بالتفعيل يستغرق وقت طويل جداً، بسبب ضعف الشبكة".

وعلّق محمد: "يعني إذا نحنا 6 أشخاص، بدي كب 120 ألف بس لفوت، شو هالمهزلة، شو بدي آكل فروج مشوي عالدهب مثلاً"؟

شوارع للأكل عالمية

صرح القائمون على الكرنفال لإذاعة "شام إف إم" أن تجربة "شارع الأكل" هي "فكرة موجودة عالمياً"، حيث شهدت دول أخرى من بينها فرنسا وهولندا خلال فترات أعياد الميلاد ورأس السنة إضافة إلى شوارع الأكل في مدن الباكستان، ومهرجان شارع الأكل في الجزائر والإمارات، والتي تستقطب الزوار والسياح الراغبين بتناول وجباتهم المفضلة.

بلغ سعر باقة دخول مهرجان الطعام "تيست" دبي 55 درهماً (14,9 دولار أمريكي) لعام 2024، وباقة التذوق 165 درهماً، وللأطفال دون سن الـ 12 عاماً، مجاناً، وفق موقع "platinumlist".

في المقابل بلغ سعر تذكرة الدخول إلى مهرجان "Taste of Paris" لعام 2023 في العاصمة الفرنسية باريس 20 يورو للكبار، و16 يورو للصغار من سن 10 إلى 16 عاماً، وذلك بحسب الموقع الفرنسي "taste".

ظروف اقتصادية قاسية

يعاني أكثر من 90 بالمئة من السوريين من خط الفقر، في ظل انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار في السوق السوداء إلى نحو 14 ألف ليرة سورية في السوق السوداء، و13 ألف و500 ليرة سورية وفق نشرة تصريف مصرف سوريا المركزي.

وبحسب تقرير لـ"البنك الدولي" في تشرين الأول عام 2022، فقد انكمش إجمالي الناتج المحلي في سوريا بأكثر من النصف بين عامي 2010 و2020، ودفع الانخفاض الكبير في نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي البنك الدولي إلى إعادة تصنيف سوريا كبلد منخفض الدخل منذ عام 2018.

تتحفظ روزنة على ذكر اسم المراسل حفاظاً على سلامته