تقارير وتحقيقات | 2 07 2024

نور الدين الإسماعيل

بعد يوم من التصعيد والتوتر الميداني الذي شهدته غالبية المدن والبلدات التي يسيطر عليها "الجيش الوطني السوري" على خلفية "اعتداءات قيصري"، تشهد المنطقة هدوءاً نسبياً حذراً، في ظل إغلاق معبر باب الهوى بمحافظة إدلب عند الحدود السورية - التركية، وتوقف حركة العبور في معابر شمالي حلب.

الجيش التركي عزز من تواجده عند معبر باب السلامة من الجانب التركي، فيما أصدرت بيانات عدة من قادة في "الجيش الوطني" تستنكر حوادث إنزال العلم التركي وجرى تداول مقطع رفع فيه العلم التركي بعرض عسكري إلى جانب علم الثورة السورية.

نستعرض آخر التطورات التي أعقبت حوادث الاعتداء والتخريب لممتلكات السوريين في ولاية قيصري التركية أول أمس، والرد عليها باحتجاجات شمالي سوريا تطورت في بعضها لاعتداءات على شاحانات نقل تركية وإنزال أعلام تركية، ووثق ناشطون إطلاق نار بمناطق يتواجد بها الجيش التركي.

اقرأ أيضاً: اعتداءات وتخريب لممتلكات سوريين في قيصري التركية.. ما القصة؟

هدوء حذر

أفاد مراسلو روزنة ومصادر محلية، أن غالبية المناطق التي تسيطر عليها فصائل "الجيش الوطني" تشهد استقراراً نسبياً، وسط ترقب للمجتمع المحلي لقادم الأيام بعد التصعيد الذي شهدته المنطقة أمس.

تركز التوتر أمس في مناطق الباب واعزاز وعفرين والراعي وعند معبر باب السلامة الحدودي، وتشهد جميعها استقراراً أمنياً على حد وصف مصادر محلية.

وأوضح مراسلنا أن الأهالي ينتظرون بحذر التطورات بعد تشييع 7 قتلى في مدينة عفرين، اليوم الثلاثاء، سقطوا في اشتباكات مسلحة أمس مع الجيش التركي في المدينة.

وقال مراسلنا إن المواجهات اندلعت بعد مظاهرة أمام مبنى السرايا أو ما يعرف بـ"مقر الوالي التركي"، ولم تتضح تفاصيل حول كيفية ظهور السلاح في المظاهرة أو تبعية العناصر المسلحين.

وتسببت الاشتباكات في عفرين، أمس، بتوقف الحياة في المدينة وإغلاق المحال التجارية، وازدحام كبير عند الأفران نتيجة تخوف الأهالي من انقطاع الخبز أو توقف عمل الأفران في حال تطور الأحداث.

وشهدت غالبية المناطق منذ تصاعد وتيرة الاحتجاجات انقطاع خدمة الانترنت بشكل شبه كامل.

توتر شمالي سوريا بعد "اعتداءات قيصري".. و"الإسلامي السوري" يحذر

المعابر.. ما المستجدات؟

أعلنت إدارة معبر باب الهوى، ليل أمس، إغلاق المعبر من الجانب التركي حتى إشعار آخر، وقالت في تنويه عبر معرّفاتها الرسمية أمس، إن حركة المسافرين والمرضى والشاحنات ليوم الثلاثاء متوقفة "وسنبلغكم باستئناف العمل في تنويه لاحق".

وفي آخر تحديث لمعبر باب الهوى الحدودي، صباح اليوم الثلاثاء، أعلن المكتب الإعلامي للمعبر عبر معرفاته توقف حركة العبور من وإلى تركيا، والتي تشمل الحالات الطبية، والتجار والمسافرين وأصحاب الموافقات والشاحنات.

في سياق متصل، أكد الصحافي عارف وتد لـ"روزنة" استمرار العمل في معبر الغزاوية، من جهة دارة عزة في ريف حلب الغربي.

مصادر محلية أكدت توقف حركة العبور منذ أمس في معابر باب السلامة والراعي، دون نشر بيانات رسمية على معرفات المعابر الإلكترونية.

ونشر القائمون عل معبر "جرابلس" أنه عاد للعودة فقط من سوريا إلى تركيا "أي الأشخاص الذين تنتهي إجازاتهم اليوم يمكنهم الدخول إلى تركيا عبر بوابتنا"، حسب منشور في الحساب الرسمي بفايسبوك.

وتواردت أنباء عن إغلاق معبر دير بلوط الذي يربط مناطق عفرين بريف إدلب، دون أن يتسنى لنا التأكد من صحة المعلومة إلى حين لحظة نشر التقرير.

تخوف في إدلب

بحدةٍ أقل من ريف حلب الشمالي، شهدت بعض مناطق إدلب احتجاجات تضامناً مع ما تعرض له سوريون في مدينة قيصري التركية، أمس الأول.

وانطلقت مظاهرات في كل من مدينة الدانا وسرمدا وكفرتخاريم ومدينة إدلب، مساء أمس، حيث لم تشهد تلك المظاهرات أي أعمال عنف.

ونتيجةً لتخوف الأهالي من إغلاق المعابر مع تركيا، شهدت محطات الوقود ازدحاماً كبيراً، خصوصاً على مادتي البنزين والمازوت المستورد، وللتين تدخلان إلى المنطقة عبر معبر باب الهوى.

بيانات تهدئة

عقب تصاعد الأحداث في شمالي غربي سوريا وتطور الاحتجاجات في بعض المناطق إلى اشتباكات وتداول مقاطع إنزال العلم التركي على نطاق واسع بين حسابات أتراك إلكترونية، أمس، أصدرت عدة جهات معارضة بيانات تدعو للتهدئة، من بينها الحكومة السورية المؤقتة، و"هيئة تحرير الشام".

وفي بيان صادر عن "المؤقتة" أدانت ما وصفته "جميع الحملات المتطرفة الموجهة ضد اللاجئين السوريين (...) بما فيها التصرفات المتطرفة التي تعرض لها بعض اللاجئين السوريين في ولاية قيصري التركية من قبل بعض الأشخاص المتطرفين".

وأكد البيان "على ضرورة حماية السوريين في تركيا وفي كل دول اللجوء، وتشيد بالإجراءات القانونية التي اتخذتها وزارة الداخلية التركية بحق المعتدين (...) و(تدعو إلى) تطبيق الاتفاقيات الدولية ذات الصلة لحمايتهم من عمليات الترحيل القسري والترويع الممنهج".

وفي ما يتعلق بشمالي غربي سوريا، دعت "المؤقتة" السوريين إلى "عدم الانجرار وراء الدعوات التصعيدية التي تهدف إلى ضرب التحالف القائم بين الشعبين السوري والتركي".

وشددت "على خطورة استغلال هذه الأحداث من قبل أعداء الثورة من خلال الإضرار بالعلاقات التركية السورية واستهداف الإخوة الأتراك الذين شاركوا الشعب السوري في تحرير الأراضي السورية من الإرهاب".

اعتداءات قيصري: أردوغان يحمل المعارضة المسؤولية.. واعتقال للعشرات

وفي بيان منفصل، أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، اليوم الثلاثاء، اجتماع القيادات العسكرية بالجيش الوطني السوري برعاية وزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة.

ووفق البيان، تمخض الاجتماع عن تأكيد المجتمعين "على حق الشعب بالتظاهر السلمي المشروع"، و الحفاظ على "المؤسسات الوطنية"، وحذروا من ما وصفوه "استغلال أعداء الثورة لحرف حراكهم ومظاهراتهم عن مسارها السلمي وإلحاق الضرر بأهلنا".

وأدان المجتمعون "الأعمال العنصرية" التي تعرض لها اللاجئون السوريون في بعض الولايات التركية، وطالبوا الجهات الرسمية بتحمل مسؤوليتها ومحاسبة الخارجين على القانون بإحداث أعمال الشغب.

بدوره، قال "أبو محمد الجولاني" زعيم "هيئة تحرير الشام"، في بيان، اليوم الثلاثاء، "إن التعبير عن مطالبها (الاحتجاجات) ورفض ما يتعارض مع أهدافها يجب أن يكون بحكمة ووعي بعيداً عن الإساءة لقيمها وتشويه صورتها داخل سوريا وخارجها".

ودعا "الجولاني" جميع الأطراف إلى "تغليب لغة العقل، والنظر لمصلحة الثورة، استراتيجياً، وعدم الانجرار وراء التحركات المشبوهة التي استمرت لأشهر في محررنا (شمالي غربي سوريا)، واليوم تأخذ مسارا يضر بتحالفات ثورتنا ومصالحها بالدرجة الأولى، ولا سيما مع تركيا حكومة وشعبا، وينبغي العمل على درء الفتنة بين الشعبين الكريمين".

وكانت مدينة قيصري التركية، قد شهدت طيلة ساعات ليل أمس الأول، أعمال عنف واعتداءات ضد ممتلكات لسوريين في المدينة، بعد تداول معلومة زعموا فيها أن طفلة تركية تعرضت للتحرش من لاجئ سوري، ليتبين لاحقاً أنها مضللة.

وتأتي "اعتداءات قيصري" في ظل حالة قلق لدى السوريين في ولاية عنتاب، في ظل حملات تدقيق وتفتيش واسعة النطاق ضد "المقيمين غير الشرعيين" وترحيل العشرات، وسط إمكانية اتساع نطاقها لولايات أخرى كأورفا وهاتاي.