عبد الغني العريان|

عززت قوات النظام السوري تواجدها على محاور التماس في معرة النعمان وكفرنبل جنوبي ادلب، إضافةً الى استمرار المناوشات والقصف المدفعي على مناطق المعارضة القريبة من مكان تواجده جنوبي ادلب، بالتزامن مع تعزيز جبهة مدينة سراقب، والخط الشرقي لإدلب والغربي لحلب.

التحركات والتعزيزات العسكرية المستمرة لقوات النظام وحلفائه، على محاور التماس، دفعت الجبهة الوطنية لإعلان القطاع الشرقي من جبل الزاوية جنوبي ادلب، كمنطقة عسكرية، يمنع وصول المدنيين إليها.

وطلبت "الوطنية للتحرير" عبر بيان لها، من المدنيين عدم التواجد في مناطق قريبة من خطوط التماس مع قوات النظام وحلفائه في القطاع الشرقي من جبل الزاوية (مدينة أريحا وريفها)، حرصاً على سلامتهم بعد تكرار الخروقات بالقصف والهجمات في المنطقة.

معركة تلوح في الأفق

لا تزال فصائل المعارضة تسيطر على عشرات البلدات والقرى جنوب الطريق الدولي (M4)، أبرزها 33 قرية في منطقة جبل الزاوية جنوبي ادلب، إضافة إلى الزيارة والدقماق والزقوم وقسطون والعنكاوي والمسطومة ومحمبل، وفي جنوب الطريق تتربع أهم مدن محافظة إدلب وهي مدينة أريحا، التي لطالما سعت قوات النظام للسيطرة عليها نظراً لأهميتها الجغرافية.

وقال العميد المنشق عن جيش النظام السوري والمحلل السياسي، مصطفى فرحات، لروزنة إن "إمكانية شن عملية عسكرية من قبل النظام وحلفائه على ريف إدلب الجنوبي، أصبح مرجحاً وبشكل كبير".

وأوضح أن "مقدمات أي عمل عسكري تبدأ بالاستطلاع وقد تابعنا تكثيف أعمال الاستطلاع على ريف إدلب بكل أنواعه".

اقرأ أيضاً: "سقوط حر" لليرة السورية…  هل ترتفع أسعار العقارات؟

وأضاف أن "العمل المنشود سيهدف بالدرجة الأولى إلى تأمين طريق M4، وتوجيه ضربة إلى تيار الصقور في هيئة تحرير الشام، الذين يقفون ضد التفاهمات التركية الروسية حول تثبيت وقف إطلاق النار وفتح الطريق وبشكل خاص بعد أن شعروا بأن امتيازاتهم ستتقلص، وأن المعابر الفرعية التي حاولوا فتحها مع مناطق النظام فشلت بسبب المواجهة الشعبية الرافضة لذلك".

وأردف قرحات أن "أي عمل عسكري لن يكون عمل واسع لاعتبارات كثيرة أهمها؛ أن قضية الشمال السوري أصبحت مدولة بامتياز وبشكل خاص بعد القمة الرباعية التي سبقت انتشار وباء كورونا، التي جمعت كل من  تركيا، وألمانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، وطلبت من الروس منع التصعيد في الشمال".

ولفت إلى أن "العمل العسكري الواسع يتطلب قدرات وإمكانيات اقتصادية أصبحت شحيحة في ظل توقف عجلة الاقتصاد الناجم عن كورونا وبسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران والنظام، ناهيك عن قانون قيصر الذي سيدخل حيز التنفيذ هذا الشهر".

أريحا.. عقدة الربط

قال ملهم العمر، ناشط إعلامي من ريف إدلب، لروزنة إن "أنظار النظام السوري وحليفه الإيراني تتوجه إلى مدينة أريحا جنوبي إدلب، على اعتبارها عقدة الربط على الطريق الدولي اللاذقية – حلب وهو جزء من M4، ما يمكنهم من العودة الى الساحة الاقتصادية والسياسة، بعد تهميش دور إيران من ترتيبات الشمال التي اقتصرت على الجانبين الروسي والتركي".

ولفت إلى أن "جميع المؤشرات تؤكد تخوف قوات المعارضة والجيش التركي من الهجوم الأكبر على مدينة أريحا بخلاف المدن والقرى المتبقية في ريف إدلب".

أريحا... موقع استراتيجي بين جهات سوريا الأربع

تحد أريحا من الشمال مدينة إدلب، ومن الجنوب مدينة معرة النعمان، ومن الغرب مدينة جسر الشغور، ويمر فيها طريق حلب اللاذقية، وتبعد 13 كيلومتراً عن مدينة إدلب، و113 كيلومتراً عن مدينة اللاذقية، و298 كيلومتراً عن العاصمة دمشق، و72 كيلومتراً عن مدينة حلب، لـهذا تحتل موقعاً استراتيجياً هاماً جداً.

وتكمن أهميتها كونها بوابة جبل الزاوية من الجهة الشمالية، ولموقع جبل الأربعين فيها الذي يشرف على مساحة واسعة من ريفي ادلب الجنوبي والغربي، كما تشرف أيضاً على طريق اللاذقية – حلب وهو جزء من طريق M4 الذي يصل شرق سوريا بغربها، وتعتبر البوابة إلى جسر الشغور ومنها نحو اللاذقية وجميع مناطق جبل الأكراد.

محمد حلاج، مدير منسقو استجابة سوريا، قال لروزنة إن "أريحا تعتبر من المدن الكبرى في محافظة ادلب، حالها كحال مدينة سراقب، بحكم قربها من طريق M4، وهذا يعطيها أهمية كبيرة، وفي حال سيطرة النظام عليها سيفسح المجال لتحرك الشريان الاقتصادي للنظام السوري في المنطقة، بالتزامن مع الانهيارات الاقتصادية الكبيرة في مناطق سيطرة النظام". 

موجة نزوح جديد 

يستعد مدنيو جنوبي إدلب لموجة نزوح جديدة، مع استمرار قوات النظام، وحلفائه بخرق الهدنة من قصف مدفعي ومحاولات تسلل إلى المنطقة، بالتوازي مع استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة من قبل النظام إلى محاور التماس، إضافة الى استعدادات المعارضة المسلحة في المنطقة، وتعزيز جبهات القتال من جانبهم، وانتشار الجيش التركي داخل مدينة أريحا، ما فسرت بأنها مؤشرات كبيرة لقرب اندلاع المعارك مجدداً.

في حال سيطر النظام على مدينة أريحا، ستكون هناك تداعيات كبيرة وهذه التداعيات سيدفع ثمنها الشعب السوري في ادلب، أكثر مما ستدفعه المعارضة وغيرها، لأن دخول النظام إلى أريحا إن حصل سيعني موجات تهجير إضافية من السكان، الذين تبقوا في جبل الزاوية وأريحا والمناطق المجاورة لأريحا، وهذا ما كنا نتابعه مع دخول النظام إلى كل المناطق التي دخلها في السابق؛ ناهيك عن ضعف موقف المعارضة على طاولة النقاش، بحسب العميد فرحات.

اقرأ أيضاً: روسيا تضع يدها على الساحل… السوريون محرومون من شواطئهم 

فريق "منسقو استجابة سوريا"، أدان تصعيد النظام وحلفائه على ريفي إدلب وحماه، مؤكداً تسجيل خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار في شمال غربي سوريا بتاريخ الخامس من شهر آذار من العام الجاري.

ولفت الفريق في بيان له، قيام طائرات حربية روسية باستهداف عدد من المناطق في ريف إدلب وحماة ليلة أمس، إضافة إلى مئات الخروقات من قبل قوات النظام السوري، والميليشيات المتحالفة معه، التي وثقها "منسقو استجابة سوريا" في المنطقة.

وأوضح البيان أن عملية التصعيد الأخيرة من قبل الطائرات الحربية الروسية، أدت إلى حركة نزوح لعشرات العائلات العائدة من مناطق النزوح إلى القرى والبلدات بريف إدلب الجنوبي، حيث تواصل الفرق الميدانية التابعة لمنسقي استجابة سوريا إحصاء أعداد النازحين الجدد للمرة الثانية والخارجين من المنطقة إلى القرى والبلدات الآمنة نسبياً.

ولفت مدير منسقو استجابة سوريا محمد حلاج إلى إن "عدد العائدين إلى مدينة أريحا بعد إعلان وقف إطلاق النار الأخير، 41342 نسمة بينهم 37010 نسمة هم من السكان الأصليين لمدينة أريحا، و4300 نسمة هم من النازحين المقيمين في مدينة أريحا".

وأشار الى أن "هناك إمكانية لتكرار عملية النزوح السابقة، إضافة الى ازدياد الكثافة السكانية في مناطق الشمال على حساب المناطق المتوترة".