بعد سبع سنوات من الغياب عن الجمهور، عاد نجم الكوميديا السوداء السورية الأكثر شهرة، حاملاً معه قصيدة تحمل رائحة دمشق، وتغطي المأساة السورية كلها، هو ياسر العظمة، صاحب الـ18 جزءاً من مسلسل جسّد حياة السوريين بتفاصيلها، الذي تخطى خطوطاً حمراء كثيرة ما زال السوريون يسألون أنفسهم حيالها "كيف فعل ذلك؟!"، يتبعه سؤال آخر عن سر قدرته على تجسيد كل شخصيات سلسلة "مرايا" وبذات البراعة والذكاء. 

بدايات العظمة

بدأ ياسر العظمة، وهو المولود في دمشق 1942، حياته الفنية عبر المسرح، بعد أن قدّم برنامجاً لتصحيح الأخطاء الشائعة في اللغة العربية وهو (أبجد هوز) في بداية الستينيات.

وكانت أول مسرحية شارك فيها عام 1963 هي "شيخ المنافقين"، وهي من إنتاج المسرح القومي بدمشق، ثم تلاها بمسرحيات في فترة الستينيات هي (الخاطبة 1966 – طرطوف 1966 – التنين 1968).

 

قبل أن يدخل في فترة السبعينيات، وهي الفترة التي لمع نجم العظمة، بمشاركته في مسرحيات (ضيعة تشرين 1974 – غربة 1976). وعدد من المسلسلات منها رحلة المشتاق عام 1977، إضافة إلى فيلم سينمائي بعنوان (الرجل الأخير 1973).

خريج كلية الحقوق بدمشق، والمنضم إلى نقابة الفنانين عام 1968، بدأ ثمانينات القرن الفائت، بثلاث أعمال درامية هي (حرب السنوات الأربع – أبو الخيل – بصمات في جدار الصمت) وفي العام التالي شارك في مسلسلين هما طبول الحرية، وتلفزيون المرح، قبل أن يتفرّغ تماماً لمشروعه الجديد (مرايا).

ما هو سر "مرايا"؟

في عام 1981، بدأ ياسر العظمة في التحضير لمشروع "مرايا"، مستفيداً من مخزون أدبي كبير له عبر قراءته لروايات عربية وعالمية، واختياره خط جديد له بعيداً عمّا قدّمه الممثل السوري، دريد لحام.

وفي وقت، كان ثمّة أحاديث عن خلاف بين العظمة ولحّام، أشار الأخير في مقابلة منتصف العام الفائت إلى أنهما لم ينفصلا عن بعضهما وإنما ياسر العظمة شكّل (سربه الخاص) في التمثيل.

اقرأ أيضأً: هل تنبّأ ياسر العظمة بانتشار فيروس كورونا قبل ثلاثين عاماً؟

في عام 1982، انطلقت أول أجزاء مرايا وحققت نجاحاً واسعاً، وعن أحد أسباب نجاح مرايا يقول الفنان ياسر العظمة في مقابلة قديمة مع الإعلامي السوري توفيق حلّاق إن الجمهور دائماً على حق، لذلك هو يعتمد على الاستفتاءات في رصد نجاح عمله، وتصحيح الأخطاء لو حصلت.
 

ويتابع "أنا في دراسة ميدانية مع المخرج هشام شربتجي، لنرى شريحة من المثقفين، من دكاترة الجامعة، من الطلاب، من الموظفين، من المهنيين.."، ثم يقوم بقراءة المشهد لأشخاص يعرفهم، حتى يرى ردّة الفعل لدى كل شخص.

تمكّن مسلسل "مرايا" عبر أجزائه الـ18 من كسب قلوب الناس نتيجة معالجته لهمومهم بقالب كوميدي يصنّف أحياناً كـ"كوميديا سوداء" ومقدّماً رسالة وعبرة.

لماذا غاب ياسر العظمة؟

ومنذ ثمانينات القرن الفائت وحتى عام 2013، كان مسلسل مرايا حاضراً على شاشات السوريين والعرب إلى أن غاب العظمة عن المشهد، واضطر تحت وقع الظروف الأمنية في سوريا للسفر إلى مصر حيث أقام.

وفي منتصف 2018، انتشرت أخبار عديدة عن نيّة العظمة تصوير جزء جديد من مرايا يعرض في الـ2019، إلا أن  العظمة لم يؤكد ذلك، وفي بداية الـ2020 على صفحته الرسمية على "فيسبوك" نفى أي جديد بخصوص مرايا مشيراً إلى أن " أي أخبار عن هذا المسلسل ستكون على صفحاته او بتصريح رسمي من الفنان ذاته".

قد يهمك: ياسر العظمة يتحدى كورونا ببرنامج أسبوعي على فيسبوك 

العظمة يعود للجمهور

رغم أن ياسر العظمة ظهر في صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بدمشق في عام 2019، إلا أن عودته للجمهور بالفعل دون تبيان ما إذا كانت هذه العودة من سوريا أم من مصر، كانت عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما أعلن عن برنامج جديد سيقدّمه على حساباته الرسمية قبل أسبوع.

وتلاها قصيدة كتبها وألقاها قبل أربعة أيام، تحدّت حملت عنوان "إن رضيت دمشق"، وحملت القصيدة في طياتها العديد من الدلالات الرمزية عن واقع سوريا الحالي، إضافة إلى واقعها لجهة الإنتاج الدرامي. حيث حصدت الحلقة مئات آلاف المشاهدات في أول أيامها، وآلاف التعليقات المرحبة بعودة العظمة مجدداً.
 
ياسر العظمة (78 عاماً)، الذي نادراً ما يظهر على الإعلام ويُعرف شيء عن حياته الشخصية، كُرم سابقاً بعدد قليل من الجوائز مثل جوائز ذهبية في مهرجان القاهرة على تميزه بأعماله الكوميدية، وجوائز تقديرية من نقابة الفنانين السوريين.

في وقت يصفه فنانون كثر بالفنان العظيم، حيث وصفه الممثل السوري بشار إسماعيل بـ"الفنان الأول في الكوميديا بالوطن العربي"، كما وصفه عابد فهد في مقابلة على قناة "أم بي سي" بـ"بالأب الروحي"، وهو رأي مشابه لرأي الممثل السوري، محمد اوسو.