بدل الخدمة العسكرية محاولة جديدة لتخفيف العجز في الموازنة بسوريا

 بدل الخدمة العسكرية محاولة جديدة لتخفيف العجز في الموازنة بسوريا

تقارير | 10 11 2020

إيمان حمراوي

في ظل أزمة سيولة خانقة تعاني منها حكومة النظام السوري، أصدر رئيس هذا النظام بشار الأسد مرسوماً تشريعياً عدل بموجبه قانون بدل الخدمة العسكرية للمقيمين خارج البلاد، وأتاح للمرة الأولى إمكانية دفع بدل داخلي لفئة محددة، في محاولة للالتفاف على العجز الكبير في الموازنة. 

 
وينص المرسوم التشريعي رقم 31 لعام 2020، الذي أصدره بشار الأسد، أمس الأحد،على تعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم (30) بتاريخ 3/5/2007 وتعديلاته المتضمن قانون خدمة العلم، وفق وكالة "سانا". 
 
وأتاح القانون الجديد للمكلف بالخدمة الإلزامية، وتقرر وضعه بخدمة ثابتة، دفع بدل نقدي مقداره 3 آلاف دولار أميركي أو ما يعادلها بالليرة السورية، فيما أتاح للمكلّف المقيم خارج سوريا دفع بدل نقدي وفق سنوات إقامته، يبدأ من 3 آلاف دولار ويصل إلى 10 آلاف دولار. 
 
ووفق القانون فإنه يجوز لمصرف سوريا المركزي وللبعثات الدبلوماسية السورية استيفاء المبالغ التي تسدد بالدولار في هذا المرسوم التشريعي بما يعادلها من اليورو، وفقاً لما يحدده مصرف سورية المركزي. 

اقرأ أيضاً: بدل العسكرية الداخلي قيد الدراسة… وسوريون: "ما راحت غير عالفقراء"
 
البدل لرفد خزينة الدولة! 
 
عضو مجلس الشعب، مجيب الرحمن الدندن قال لـ"المدينة إف إم"، المحلية ، في الـ 3 من الشهر الحالي، إن دراسة أجريت حول مشروع البدل الداخلي عام 2015 أظهرت إمكانية رفد الخزينة العامة سنوياً بمبلغ يصل إلى 1.2 مليار دولار، في حال سدد 10 إلى 15 في المئة من المطلوبين البدل النقدي. 
 
وأضاف، بعد 5 سنوات قد يصل المبلغ إلى 3 مليارات دولار سنوياً، كما أظهرت الدراسة أن عائدات البدل النقدي ستكون رافداً جيداً للخزينة، ومساعداً على رفع أجور العاملين في الدولة. 
 
وعن أهمية إقرار البدل الداخلي للخدمة العسكرية، قال الدندن إنه يوفر عناء السفر لأربع سنوات عن الراغبين بدفعه، وسيضع الشباب تحت سقف القانون، وسيحد من حالات الفساد المتمثلة باستبعاد أسماء المطلوبين من القوائم مقابل مبالغ مالية كبيرة قد تصل إلى 20 مليون ليرة سورية. 
 
أسباب تعديل قانون الخدمة العسكرية! 
 
الباحث الاقتصادي السوري، خالد تركاوي، قال لـ"روزنة" عن أسباب القرار في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها سوريا، إن "حكومة النظام السوري تواجه مشكلتين رئيستين، الأولى تتمثل بانخفاض القطع الأجنبي بشكل كبير، إن كان بالدولار أو باليورو، ففي عام 2011 كان احتياطي المصرف المركزي السوري من العملات الأجنبية يبلغ 21 مليار دولار، أما اليوم فيبلغ 500 مليون دولار، ما يدفع الحكومة الى البحث الدائم عن مصادر للدخل". 
 
وكان البنك الدولي أعلن في تقرير نقلته وكالة "فرانس برس" شهر نيسان عام 2016 عن انهيار احتياطي المصرف المركزي السوري من العملات الأجنبية، حيث تراجع من 20 مليار دولار قبل عام 2011 إلى 700 مليون دولار، آنذاك، وأوضح أن "انهيار الصادرات والاحتياطي أديا إلى تراجع قيمة العملة السورية". 
 
وأضاف تركاوي، "يأتي هذا القرار بعد مجموعة من القرارات مثل قرار رئيس مجلس الوزراء لدى حكومة النظام، حسين عرنوس، في الثامن من تموز، فرض بموجبه على السوريين ومن في حكمهم، عند دخول الأراضي السورية تصريف مبلغ 100 دولار أو ما يعادلها بإحدى العملات الأجنبية، وفق صحيفة "الوطن" المحلية. 
 
أما المشكلة الثانية التي تواجه النظام، فتتمثّل وفق تركاوي، في عجز الموازنة التي أعلنت عنها حكومة النظام للعام 2021، في الأول من شهر تشرين الثاني الحالي، والتي قدرت بنحو 3484 مليار ليرة، في مقارنة بالعام 2020 والذي بلغ 1455 مليار ليرة، ـي بفارق ملياري ليرة سورية، ما يعني زيادة العجز بنسبة 71 في المئة،  وفق صحيفة "الوطن" المحلية.
 
وأشار تركاوي إلى أن "هذه نسبة العجز الأولي فقط"، مقدراً أن يتجاوز العجز الفعلي هذه النسبة بكثير، "ما سيدفع للبحث عن مصادر تمويل، حتى ولو كانت بالليرة السورية". 
 
ولفت المحلل الاقتصادي إلى أنه من الممكن أن يكون هذا القرار محاولة جديدة لإعادة بعض الشباب إلى الداخل السوري من خلال دفع البدل.

قد يهمك: النظام السوري يعتزم إصدار عملة جديدة للالتفاف على أزماته الاقتصادية
 
تضاعف عجز الموازنة العامة 
 
ومطلع الشهر الحالي قدرت حكومة النظام السوري، العجز في الموازنة العامة للدولة لعام 2020 بألف و455 مليار ليرة سورية، فيما قدرت العجز لعام 2021 المقبل، بنحو ثلاثة آلاف و484 مليار ليرة سورية، وفق صحيفة "الوطن" المحلية. 
 
وعزت حكومة النظام أسباب العجز في موازنة العام المقبل، إلى زيادة كتلة الإنفاق العام، والتغير في سعر الصرف الذي كان له تأثير كبير في زيادة النفقات لدى الجهات العامة وصعوبة تخفيضها، وعجز شركة المحروقات، وزيادة الرواتب والأجور، إضافة إلى العجز التمويني للمؤسسة العامة للحبوب، وغير ذلك. 
 
وقدرت الحكومة إجمالي النفقات خلال العام المقبل بمبلغ 8 آلاف و500 مليار، وفي العام الحالي بمبلغ 4 آلاف مليار ما يعادل زيادة بنسبة 113 في المئة، فيما قدرت إجمالي الإيرادات في العام المقبل بمبلغ 6 آلاف مليار ليرة مقارنة بإيرادات العام الحالي، التي قُدرت بمبلغ ألفين و545 ملياراً، بفارق بلغ ثلاثة آلاف و472 ملياراً، ما يعادل زيادة بنسبة 136 في المئة.
 
عقوبات خارجية 
 
وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على النظام السوري وداعميه، أقساها قانون قيصر الذي وقع عليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الـ 20 من كانون الأول عام 2019، وبدأ تنفيذه منتصف حزيران الماضي، وتجاوزت، آنذاك، الليرة السورية حاجز الـ 3 آلاف مقابل الدولار الأميركي. 
 
ويفرض القانون عقوبات على من "يبيعون أو يقدمون عن قصد البضائع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات المهمة التي تسهل أو توسع الإنتاج النفطي المحلي للحكومة السورية"، وعلى من يبيعون "الطائرات، أو الأجزاء، أو الخدمات ذات الصلة التي تستخدمها القوات العسكرية التابعة للحكومة السورية"، وكذلك على من يقدمون "الخدمات الإنشائية أو الهندسية للحكومة السورية"، بحسب موقع "الكونغرس" الأميركي. 

كيف علّق سوريون؟ 
 
يقول إبراهيم، شاب سوري مقيم في بيروت لـ"روزنة": "7 آلاف دولار بدل خدمة الجيش، لن أستطيع جمعها إلا بعد عشرين سنة، فأنا بالكاد أستطيع العيش هنا ودفع إيجار المنزل، فكيف سأجمع المبلغ؟!". 
 
ويتابع إبراهيم "لم أر عائلتي منذ 6 سنوات سوى عبر الانترنت، وكنت أتمنى أن يتم تخفيض بدل خدمة الجيش إلى 3 آلاف مثلاً حتى يكون هنالك أمل لنا بالعودة لرؤية أهالينا". 
 
ويشاطره عمران، 26 عاماً، المقيم في طرابلس الرأي ويضيف عليه "هذه القوانين مخصّصة للأغنياء فقط، أو لمن يعيش في دول خليجية مثلاً ولديه عمل ثابت براتب جيد جداً، فالشاب السوري لا يستطيع توفير هكذا مبلغ، وخصوصاً مع الأزمات الاقتصادية الحالية وأزمة كورونا، ماذا نفعل؟ هل نتسول حتى نؤمن هكذا مبلغ؟". 
 
وفي السياق نفسه اعتبر خليل 24 عاماً، لـ"روزنة" : "إن هذا المرسوم لا يخدم سوى الطبقة المخملية والأغنياء القادرين على التغرب لمدة سنة ودفع 10 آلاف دولار أميركي" وأردف: "ارحموا الفقراء، 90 في المئة من الشعب السوري أصبح فقيراً". 
 
ماذا جاء في القانون؟ 
 
وعدل القانون الجديد المادة 13 من القانون (30) لعام 2007، ونصت في تعديلها أنه يحق للمكلف بالخدمة الإلزامية الذي تقرر وضعه بخدمة ثابتة دفع بدل نقدي مقداره 3 آلاف دولار أميركي أو ما يعادلها بالليرة السورية، وفق سعر الصرف الذي يحدده مصرف سوريا المركزي بتاريخ التسديد، ويستفيد من هذا البند العسكريون الموجودون في الخدمة الإلزامية. 
 
وفيما يخص المكلف المقيم خارج سوريا يحق له دفع بدل نقدي وفق سنوات إقامته، يبدأ من 3 آلاف دولار ويصل إلى 10 آلاف دولار، وفق القانون
 
وتأتي تلك القرارات في ظل أزمة اقتصادية تعاني منها سوريا، منذ سنوات، وتزداد سوءاً مع الأيام، فهل سترفد قرارات البدل الخارجي والداخلي للخدمة العسكرية في سوريا خزينة حكومة النظام، وتحسّن من الواقع المعيشي للسوريين بعدما وصل الحال بمعظمهم إلى ما دون خط الفقر، وفق تقارير أممية؟ 

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض