من منا لا يعرف شخصية "أبو صالح"، زعيم حارة الضبع في الجزء الأول من مسلسل باب الحارة، أو "جنكيز خان" في مسلسل "هولاكو" أو "أبو جواد" في مسلسل "الخوالي"؟

إنها شخصيات مميزة، جسدها الفنان السوري الراحل عبد الرحمن آل رشي، وهو من جيل الرواد المؤسسين للدراما السورية، وصاحب موهبة فنية جبارة وصوت رخيم، وإطلالة مميزة يتذكرها الكثيرون.

أثرى الفنان الراحل الفن السوري، بأعمال متعددة في السينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون، وبدأ مشواره الفني من خلال محاولة تقدمه لاختبارات الإذاعة.

وبالفعل نجح آل رشي في اختبارات الإذاعة، وانضم كمغنٍ إليها، وكان معلمه في الابتدائية قد اكتشف جمال صوته فشجعه، ولكنه انسحب بسبب معارضة والده له.

و شكل تشجيع أساتذته دافعاً له للتمكن من إتقان اللغة العربية الفصحى مبكراً، ما أكسبه مهارات إضافية، وقدرة على الإبداع في مجالات فنية مختلفة.

ولد في حي الأكراد في العاصمة السورية دمشق، لأب كردي وأم شركسية، وسكن في حي ركن الدين، ورحل عن عالمنا عام 2014، بعدما أثرى الفن السوري بأعماله الفنية المتعددة.
 
أولى وآخر أعماله

يعتبر آل رشي من مؤسسي الدراما، كون مشواره الفني بدأ في خمسينيات القرن الماضي، إذ انضم إلى النادي الشرقي، الذي أسسه الفنان الراحل نهاد قلعي.

كانت مسرحية "لولا النساء" التي كتبها الفنان سامي جانو، أول عمل مسرحي شارك فيه آل رشي، وعُرضت عام 1957 في العاصمة المصرية القاهرة.

وأول دور بطولة، قدمه الفنان عبد الرحمن آل رشي كان على خشبة المسرح، و عبر مسرحية "براكساجورا"، وهي العمل الأول لما عُرف حينها بالمسرح القومي في ‏سوريا عام 1960.‏



أما آخر أعماله كانت دوره في مسلسل "الغربال" من خلال شخصية "أبو سالم" زعيم حارة "الشاغور"، ليختتم بعد ذلك مسيرة فنية طويلة.

كرسته تلك المسيرة بوصفه أحد أهم أعمدة الدراما السورية والعربية، وواحداً من أشهر الممثلين العرب في ‏العقود الأخيرة.‏

آل رشي والأدوار الكوميدية 

وبحسب ما نشر عن عبد الرحمن آل رشي في وسائل الإعلام، يقال إنه امتنع عن أداء الأدوار الكوميدية، إلا أن فريق راديو روزنة رصد بعضاً من تلك الأعمال.

فقد شارك في لوحات كوميدية عديدة للمسلسل الكوميدي الناقد "بقعة ضوء"، إحداها كانت بعنوان: "واجب وطني" مع نجوم الدراما جهاد عبده ومحمد حداقي.

كما شارك في لوحة "صاحب أخلاق" مع الفنانة رنا شميس وأحمد الأحمد، وجسد مع النجم الراحل خالد تاجا، لوحة مميزة في بقعة ضوء حملت اسم "السباق".

وللفنان الراحل عددٍ كبير من الأعمال البدوية والدرامية والاجتماعية وأعمال البيئة الشامية، وقد قدمه المخرج علاء الدين كوكش في عدد من المسلسلات في ستينيات القرن الماضي.
 
الدراما البدوية والشامية

ومن تلك المسلسلات: "‏مذكرات حرامي عام 1968، و دور البطولة في المسلسل البدوي "راس غليص"، وهو أول مسلسل يُصور ‏بالكامل خارج الاستديوهات".

وبات آل رشي بعد نجاح مسلسل "راس غليص"، أحد أبرز نجوم المسلسلات البدوية السورية والعربية، وأبرزها: "مسلسل ساري" ومسلسل رجم الغريب" و"سيف بن دحلان" وغيرها.
 
وكان للفنان عبد الرحمن آل رشي، تميز خاص في أعمال البيئة الشامية، حتى عرف باسم زعيم الدراما، لإبداعه في أدوار الزعيم، التي جسدها في مسلسلاته المختلفة.

ومن أعمال البيئة الشامية التي شارك فيها، مسلسلات: "الخوالي، باب الحارة، بيت جدي، الدبور، الغربال".



آل رشي في السينما

وفي مجال السينما، قدم عـبد الرحمن آل رشي، مجموعة مميزة من الأفلام السينمائية الهامة، إحداها مع المخرج المصري توفيق صالح، في فيلم "المخدوعون" عام ‏‏1972.

ومع المخرج اللبناني جورج نصر، قدم آل رشي فيلم "مطلوب رجل واحد" عام 1973، ومع المخرج اللبناني برهان علوية قد عبد الرحمن آل رشي فيلم ‏‏"كفر قاسم" عام 1975.‏

وظهر آل رشي في فيلم "السيد التقدمي" للمخرج السوري نبيل المالح، الذي مُنع من العرض، ويستعرض شخصية ‏صحفي يحاول فضح أحد رجال السياسة الذين وصلوا للسلطة ببعض الصفقات المشبوهة.

اقرأ أيضاً: وفاة الممثل السوري عبد الرحمن آل رشي

قصته مع ولده

الفنان عبد الرحمن آل رشي، كان متزوجاً من سيدة خارج الوسط الفني، وأنجب منها 4 أبناء منهم 3 بنات، وابن وحيد وهو الفنان محمد آل رشي، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، والمقيم حالياً في فرنسا.

وبعد بدء الحراك الشعبي في سوريا، تعددت الروايات حول مواقف الفنانين السوريين من التطورات في سوريا، و انتشر فيديو على يوتيوب، للفنان محمد آل رشي، وهو يردد هتافات شعبية سياسية، في منطقة القابون في دمشق.

واعتبر البعض ذلك موقفاً صريحاً للغاية، عكس الكثيرين، وتم اعتقال آل رشي لاحقاً وأطلق سراحه ليغادر سوريا، وسرعان ما ترددت أنباء بعد ذلك عن تبرؤ والده عبد الرحمن آل رشي منه، إلا أن الأخير نفى ذلك جملة وتفصيلاً.

‏ونقلت صحيفة العرب اللندنية في 27 من ‏نيسان من عام 2014، تعليق عبد الرحمن آل رشي على ذلك: "لم أتبرأ من ابني لأنه قال عاشت سوريا.. هو حر في رأيه، وأنا لن أتدخل في ‏السياسة"، وكذلك نفى محمد تلك الأنباء.‏

ودع آل رشي عالمنا، عام 2014، ولم يستطع ابنه الوحيد محمد وداعه، ولم يتمكن من حضور جنازة والده كحال الكثير من الفنانين، الذين اتخذوا مواقف أكدوا أنها إنسانية أكثر ما تكون سياسية حول ما يجري في سوريا.