شاحنات تهريب البشر.. موت وشيك وتجارب قاسية

شاحنات تهريب البشر.. موت وشيك وتجارب قاسية

تقارير | 12 08 2022

إيمان حمراوي

يتجاهل الراغبون بالسفر إلى أوروبا و الذين يسلكون طريق الهجرة غير الشرعية تحديداً المخاطر التي تواجههم في سبيل الوصول إلى وجهتهم الأخيرة.

 
ومع ازدياد الضغوط السياسية في بعض البلدان ترتفع نسبة حركة الهجرة غير الشرعية مؤخّراً، وينشط معها عمل المهرّبين بمختلف الطرق مقابل مبالغ مالية مرتفعة، حيث تصل لآلاف الدولارات، منها التهريب عبر الشاحنات.

يصوّر المهرّب للمهاجر العملية بغاية السهولة وهي تنطوي على مخاطر قد تؤدي بالشخص إلى الموت أحياناً، وبنسبة كبيرة لا يصل الشخص إلى وجهته أو قد يتم الاحتيال عليه.

في هذه المادة، نقدم لك عزيزي القارئ نصائح و تحذيرات وتجارب شخصية يجب أن تفكر فيها بشكل جدي وتعرفها قبل اتخاذ أي قرار بالهجرة غير الشرعية.

انقلاب شاحنة تهريب في مقدونيا

آخر رحلات التهريب عبر الشاحنات التي تحدّثت عنها وسائل الإعلام، جرت الأربعاء الفائت، حيث انقلبت شاحنة على متنها 49 مهاجراً سورياً، في مقدونيا الشمالية، أصيب منهم 35 شخصاً، أحدهم في حالة حرجة، وفق الشرطة المقدونية.

سائق الشاحنة فرّ هارباً، وتعتقد الشرطة أنه جزء من خلية لتهريب المهاجرين، في حين لم يعرف سبب الحادث.

نُقل المهاجرون إلى مستشفيات للعلاج في جنوبي مقدونيا الشمالية واقتيد الباقي إلى مركز احتجاز في جيفجليا بانتظار ترحيلهم إلى اليونان، بحسب صحيفة "أسوشيتد برس".

وذكرت الشرطة أن المهاجرين كانوا متجهين إلى صربيا شمالاً على أمل الاستمرار منها إلى دول أوروبية أغنى.

سوزانا برانيكي، المتحدثة باسم الشرطة، قالت لـ"لأسوشيتد برس" إن الشرطة منعت أكثر من 11 ألف شخص من دخول البلاد بشكل غير شرعي، منهم 88 بالمئة عبر اليونان حتى الآن هذا العام، في الفترة ذاتها، ألقت الشرطة القبض على 62 متهماً بتهريب مهاجرين، كان 15 منهم من جنسيات أجنبية.

وبحسب سوزانا، تضاعف عدد المهاجرين الوافدين مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، معظمهم جاء من سوريا وباكستان والهند.

أحد السوريين المقيمين في تركيا، ذكر عبر منشور على فيسبوك مؤخراً، أنّ مهرّباً عرض عليه الصعود في شاحنة مغلقة و ضمن له الحفاظ على سلامته بأن يرتدي داخلها بذلة حرارية لحمايته، في ظل درجات الحرارة المرتفعة، دون معرفة السائق بوجوده، بهدف إيصاله إلى وجهته في أوروبا مقابل مبلغ 8 آلاف دولار أميركي، وتساءل عن مخاطر رحلة كهذه عبر الشاحنة؟

اقرأ أيضاً: تحرك ألماني .. اتهامات لوكالة أوروبية بتمويل انتهاكات ضد مهاجرين

شاحنة الموت

في تشرين الثاني عام 2019، وصلت شاحنة تهريب إلى المملكة المتحدة، أحد السوريين، يدعى سيامند،  كان على متن شاحنة تبريد روى لـ"BBC"  كيف صارع الموت هو ومن كانوا معه من إيرانيين وأفغان حتى اللحظات الأخيرة عندما عثرت عليهم الشرطة البريطانية وأنقذتهم.

22 شخصاً كانوا على متن الشاحنة كادوا أن يتوفوا من البرد، شعر سيامند، لاجئ كردي من حلب من مواليد 1984، أن آلاف الشباب قد يفكرون بالهجرة داخل شاحنات مبردة ويغامرون بحياتهم لاعتقادهم أن تلك الوسيلة هي الأنجح والأسرع للوصول إلى هدفهم، دون علمهم أن تلك الرحلة قد تكلفهم حياتهم، لذلك روى تفاصيل التجربة المؤلمة.

يقول سيامند: "ما لا يعلمه الكثيرون ممن يضطرون إلى التعامل مع المهربين وتجار البشر، أن رحلة البحث عن الحياة قد تنقلب في أي لحظة إلى رحلة موت بطيء".

ركب سيامند القارب المطاطي من تركيا إلى اليونان ثم توجه إلى فرنسا مروراً بألبانيا والجبل الأسود وصربيا وبلغاريا والنمسا وألمانيا.

يقول سيامند عند الخروج من كاليه الفرنسية، في شاحنات مختلفة معظمها مغطاة بالقماش: "لم يعلم معظم السائقين بوجودنا على متن شاحناتهم"، وشرح كيف تم كشف وجوده ومجموعات أخرى من الشباب والنساء والأطفال عدة مرات.

 بعد ذلك، دفعه يأسه وانتظاره في كاليه إلى الأخذ بنصيحة المهرب وخوض الرحلة داخل شاحنة مبردة لنقل الخضروات، ولا تستطيع حتى الكلاب المخصصة لهذا الغرض اكتشاف ما بداخلها.

بقي سيامند مع 21 شخصاً بمساحة لا تزيد عن عرض مترين وطول 15 متراً وارتفاع 50 سنتيمتراً، مستلقين على ظهورهم، دون حركة مدة 6 ساعات، كانوا جميعاً تحت صناديق الفواكه ممنوع عليهم إصدار أي حركة أو صوت يؤدي إلى كشفهم، حتى السعال، وإلا يُعاقب من يتسبب بفشل الرحلة من قبل المهربين.

وبعد مرور ست ساعات على إقفال الشاحنة، لم تتحرك من مكانها، كانوا يرتجفون جميعاً من البرد، مع حشرجات وأنين وتقطع في الأنفاس، بدأ الأطفال بالسعال والعطاس، لم يكونوا قادرين على التنفس أو الجلوس، لقد كانوا يحتضرون، يقول.

ودعا سيامند الله أن تسير الشاحنة قبل أن تنخفض درجة حرارة أجسادهم إلى مستوى خطير، كان الموت يسيطر على كل عقله وتفكيره.

بعد أن علا سعال الأطفال فتح السائق الباب وتفاجأ بوجودهم بعدما اتصل بالشرطة، كان ذلك بمثابة العودة من الموت "لم نستطع حتى الزحف، كانت أطرافنا مشلولة تماماً".

حملت سيارة الإسعاف النساء والأطفال والشباب إلى أقرب مركز طبي لتلقي العلاج اللازم.

وجّه سيامند رسالة للراغبين بالهجرة ونصحهم بعدم خوض مغامرة كهذه، قائلاً إن بقاءه على قيد الحياة كان بمحض الصدفة، وإلا كان في عداد الأموات.

 قد يهمك: مهاجر سوري بين اليونان وتركيا: "ليتني كنت نسياً منسياً"

احتيال ونصب

مطلع عام 2021 قالت مصادر إعلام تركية إن عشرات المهاجرين السوريين تعرّضوا لعملية احتيال من قبل مهربين وضعوهم في ولاية آيدن غربي تركيا على أنهم في إيطاليا.

ألقي القبض على 84 مهاجراً غير نظامي بمنطقة تشين في ولاية أيدين، بعد أن قام المهربون بوضعهم في صندوق شاحنات لمدة 30 ساعة.

المهربون تركوا المهاجرين في منطقة جبلية مليئة بأشجار الزيتون، وبعد نزولهم من الشاحنة قيل لهم إنهم وصلوا الأراضي الإيطالية، وبعد ابتعاد الشاحنة اتصل مواطنون أتراك بالشرطة، واعتقلت المهاجرين المنحدرين من سوريا ومصر وأفغانستان.

قال المهاجرون إنهم أُحضروا إلى إيطاليا من قبل أشخاص اتفقوا على دفع 1000 يورو للفرد وتُركوا في بستان الزيتون بولاية آيدن.

وفي دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي عام 2015  حول تهريب المهاجرين من تركيا وبلغاريا ونيجيريا، أظهرت أن الكثير من رحلات المهاجرين بدأت في إسطنبول، حيث تعتبر تركيا نقطة عبور للمهاجرين الذين يأملون في الوصول إلى أوروبا.

ووفق الدراسة، إن طرق الاحتيال الأكثر استخداماً من قبل المهربين تكون بالدفع مقابل النقل إلى وجهة معينة، وبعد الحصول على المبلغ المطلوب يقوم المهربون بضرب المهاجرين وإلقائهم في الطريق. 

أيضاً يعمل المهرّبون على ترك المهاجرين في الغابات دون إيصالهم إلى البلد المتفق عليه، موضحة أنّ قصصاً كثيرة تؤكد وفاة مهاجرين بسبب تركهم بمفردهم في الغابات شتاء.

عزيزي القارئ، بعد أن قرأت هذه التجارب التي يمكن أن تكلفك حياتك، عليك أن تفكر مرة أخرى قبل أن تتجاوب مع أي مهرب بحجة تسهيل سفرك إلى البلاد الموعودة.

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

بودكاست

شو الحل؟ - الموسم الثالث

شو الحل؟ - الموسم الثالث

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض